الخارجي قال: «قدم علينا رجلان من أهل المدينة يصيدان ومعهما نسوة، والفساطيط مضروبة. وكان سليمان بن عبد الله الأسلمي وابن أخ له مقيمين بناحية الروحاء. فأرسل النسوة إلى سليمان وابن أخيه: «أما لكما حاجة في الحديث» ؟ فرد الرسول: «إن يكن لنا فيه حاجة، فكيف لنا بذلك مع أزواجكن» ؟ فقلن: «إنما خرج أزواجنا للصيد وقد بلغنا إن لكما صاحباً يعرف من طلب الصيد ما لا يعرفه غيره فلو طرح لهم شيئاً من ذكره لا سرعوا إليه، وتخلفتم وتحدثتم ما شئتم» ، يعنين به محمداً بن بشير، فمضى إليه سليمان وابن أخيه فقال: «يا أبا محمد! أرسل إلينا النسوة بكذا وكذا، وسألنني أن أخرجك إلى الصيد، فقلت: «لا والله لا أفعل ولا أتعب ولا أنصب وأنتم تتلهون وتتحدثون أنا لذا أشد حباً، وأكثر صبابة وشوقاً فأرسلا إلى النسوة بمقالتي، فأرسلن إليّ رسولا وعاهدنني لئن أخرجتهم ليحتلن لي حتى أخلو معهن ليلة حتى الصبح» ، فصرت إليهم، وذكرت لهم الصيد فخرجوا معي، فما زلت أحدثهم بالصدق حتى أخذت في الكذب مما يضارع الصدق حتى أفنيته، فأقمت معهم ثلاثة أيام ولياليها، ثم انصرفوا من غير أن اصطدنا شيئاً، فقلت في ذلك:
إني انطلقت معي قومٌ ذوو حسبٍ ... ما في خلائقهم زهوٌ ولا حمق
إني لأعجب منهم كيف أخدعهم ... أم كيف آفك قوماً ما بهم رهق «1»
أظلّ في الأرض ألهيهم وأخبرهم ... أخبار قومٍ وما كانوا ولا خلقوا
ولو صدقت لقلت القوم قد دخلوا ... حين انطلقنا وإني ساعة انطلقوا
فلو أجاهد ما جاهدت دونكم ... في المشركين لأدركت الأولى سبقوا
إن كنت أبداً جاري من حلائلكم ... والدهر ذو عنفٍ أيامه طرق
فإن كل جديدٍ عائدٌ خلقاً ... فلن يعود جديداً ذلك الخلق
قال: فظفر أصحابي بالحديث والمغازلة، وأنا بالجهد والخيبة مع أتم القيادة «2» والتعب وكذب المحادثة. وحدثنا وهب بن سليمان عن عمه الحسن