بن وهب قال: خرج محمد بن عبد الملك الزيات من عند الواثق ومزيد بن محمد بن أبي الفرج الهاروني وكيل عبد الله بن طاهر، فإذا بجارية حسناء في منظرة لها، فلما بصرت به ورأت موكبه، وكان جميلا طريفا، أو مأت إليه السلام وأو مأت بيدها إلى صدرها، فأعجب بها فلما صار إلى منزله، دخلت إليه، فرأيته بخلاف ما عهدت، وكان لا يكتمني شيئا فقلت: «ما لي أراك مدلهاً يا أبا الحسن» ؟ قال: «رأيت شيئاً أنا فيه مفكر» ، ثم أنشأ يقول:

وابأبي مخضبٌ ... أومى إلينا بيده

أومى بها يخبرني ... راحته في كبده

أن الضنى في جسدي ... يخبرني عن جسده

فليس للحاسد إلا ... خصلةٌ من حسده

ثم شرح لي القصة، ثم انصرفت من عنده، ووافيت مولى الجارية، فسألته أن يبيعها، فقال: «اشتريتها للأمير عبد الله بن طاهر، وليس إلى بيعها من سبيل» ، فلم أزل به حتى اشتريتها بخمسين ألف درهم، ووجهت بها إليه، وكتبت إليه:

هذا محبك مطويٌ على كمده ... عبرى مدامعه تجري على جسده

له يدٌ تسأل الرحمن راحتها ... مما به، ويدٌ أخرى على كبده

فقبلها، وحسن موقعها عنده، فولاني خراج ديار ربيعة، فأصبت فيها [ألف] آلف درهم.

قال السجستاني «1» : أرق الرشيد ذات ليلة، فوجه إلى عبد الملك الأصمعي، وإلى الحسين الخليع، فأحضر هما، وشكا إليهما مدافعة نومه، وشدة أرقه، وقال لهما: «عللاني بأحاديثكما، وابدأ أنت يا حسين» .

قال: «نعم يا أمير المؤمنين! خرجت في بعض السنين منحدرا إلى البصرة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015