بي نحو الرجل، بعيد العتمة، وقالت أمها: «أنا لك الفداء، تجلد ساعة بالامتناع، فإنه منصرف عنك. وستأتيك الكافرة» . فأدخلتني على مثل الأسد إلا أن به لوثة كما قالت فاعتركنا حتى أعيا، وكف عني، وطال بي الليل حت سمعت خرخرة جملي، فلم ألبث إلا هنيهة حتى جاءت أمها وخالتها وهي معهما، فجعلتها مكاني، وفتشت عن سرها فإذا هي قد ظلت مع إنسان كانت تهواه. وأتيت ثيابي، فنهضت مبادرا لا ألوي على شيء حذراً مما لقيت.

قال: وملك النعمان بن المنذر أربعين سنة، فلم تر منه سقطة غير هذه، وهو أنه ركب يوماً فبصر بجارية قد خرجت من الكنيسة، فأعجبته لجمالها، فدعا بعدي بن زيد، وكان نديمه ووزيره، فقال له: «يا عدي! لقد رأيت جارية لئن لم أظفر بها أنه الموت، ولا بد من أن أتلطف أو تتلطف لي حتى تجمع بيني وبينها» ، قال: «ومن هي» ؟ قال: «سألت عنها فقيل: هي امرأة حكم بن عمرو رجل من أشراف الحيرة» . قال: «فهل أعلمت أحداً» ! قال: «لا» ، قال: «فاكتمه فإذا أصبحت، فجدد الحكم كرامة وبراً» .

فلما أذن للناس بدأ به فأجلسه معه على سريره وكساه، فاستعظم الناس ذلك، فلما أصبح بدأ أيضأ بالأذن له وجمله فأنكر الناس ذلك. فقالوا: «ما هذا إلا لأمر» . فصنع به ذلك أياماً؛ ثم قال له عدي: «أيها الملك، عندك عشر نسوة، فطلق إحداهن، ثم قل له فليتزوجها» ففعل، فلما دخل عليه، قال: «يا حكم ما كانت نفسي تسمح بهذا لولد فتزوج فلانة، فقد طلقتها» ، فخرج حكم إلى عدي فقال: «يا أبا عويمر، ما صنع الملك بأحد ما صنع بي، وما أدري بما أكافيه» . قال له عدي: «طلق امرأتك كما طلق لك امرأته» ، ففعل وحظي بها عدي عنده، وعلم حكم أنه قد مكر به في امرأته. وفيه يقول الشاعر:

ما في البرية من أنثى تعادلها ... إلا الذي أخذ النعمان من حكم

وحدث الفضل بن العباس عن الزبير بن بكار، عن محمد بن بشير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015