قالت: «بل المرأة، فإن أحببت أن تعلم ذلك علمته» ، قلت: «وكيف أعلمه» ؟ قالت: «أتجرد لك من ثيابي وأرميها عني ثم أمشي حتى أبلغ الأكمة، ثم أقبل حتى آتيك فتعطيني عهد الله وميثاقه لتفعلن كما فعلت» ، فقلت: «لك عهد الله إن فعلت لأفعلنه» ، قال: «فألقت ثيابها عن أحسن ما نظرت إليه قط، بياضاً ونظافة وحسناً، فلما انتهت إلي قالت: «الوفاء» ، قلت: «الوفاء، ونعمة عيني» ، فخلعت ثيابي وأنا كأبهى الفتيان وأهيأهم حتى مضيت بعد الغاية، فلما انتصف بي المدى سمعت خرخرة جملي، فإذا هي قد جالت على ظهره لابسة ثيابي، متنكبة قوسي، قد لزمت المحجة، فناديتها فلم تعرج علي، ولبست ثيابها وتخمرت بخمارها، وركبت بعييرها وزجرته، فانبعث بي أثر الحي وأخذت شق الوحشي، حتى ما أراها وجعلت أكف عن الجمل، إذ خشيت أن الحق الظعن حتى رأوني من بعيد، وجعلوا ينادون: «ويحك أقبلي» ! وأنا صامت لا أتكلم ولا أتقدم، فلما طال عليهم أمري، بعثوا بجارية لهم مولدة، فأقبلت تعدو حتى أتتني ونشطت خطام «1» الجمل من يدي، وأنا متبرقع أحسن الناس وجهاً وعيناً. فنظرت الجارية في وجهي ساعة، ثم قالت: «لقد أمسيت حديدة الطرف» ، وقادت الجمل حتى أتت الحي، فقالت أم الجارية: «يا بنية لقد استحيت من الناس مما دعوتك العشية» ، ثم تأملت ونظرت وسائر النساء. وقالت إحداهن: «والله إنه لرجل فطن» ، وأنزلتني العجوز وأدخلتني الستر؛ وقالت: «من أنت لا أفلحت» ؟ قلت: «بل ابنتك لا أفلحت، ولا أنجحت» ، وقصصت عليها قصتها، فقالت: نشدتك الله ألا أعرتني نفسك هزيعاً من الليل فإنا كنا على أن نبني بابنتي صاحبة الجمل الليلة وما في الحي رجل غير زوجها، وهو إنسان فيه لوثة ولا بد من أن أدخلك عليه فإنك غلام أمرد، فلا ينكرك ولا أراه أقوى منك إن اعتركتما فلك عندي يد بيضاء» .

وأقبلت وأخت لابنتها وخالتها فألبسنني ثوب العروس وطينني، ثم دلفن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015