«ما يرعدك» ، فقال يعلمها أنه قد علم: «خير قليل وفضحت نفسي» ، فشهقت شهقة خرت ميتة، فقتل زوجها العبد، وجعل يقول:
لعمرك ما تعتادني منك لوعةٌ ... ولا أنا من وجدٍ بذكراك أسهد
قيل: وكانت هند بنت عتبة تحت الفاكه بن المغيرة المخزومي، وكان الفاكه من فتيان قريش، وكان له بيت ضيافة يغشاه الناس من غير إذن، فخلا ذلك البيت يوماً، فضجع الفاكه، وهند فيه، فخرج الفاكه لبعض حوائجه، وأقبل رجل ممن كان يغشى ذلك البيت فولجه، فلما رأى المرأة ولى هارباً، فرآه الفاكه وهو خارج من البيت، فأقبل إلى هند فضربها برجله، وقال:
«من هذا الرجل الذي خرج من عندك» ؟ قالت: «ما رأيت أحداً ولا انتبهت حتى نبهتني» فقال لها: «الحقي بأهلك» ، فتكلم الناس فيها، فقال لها أبوها: «يا بنية إن الناس قد أكثروا فيك فاصدقيني، فإن كان الرجل في قوله صادقاً، سببت له من يقتله فتنقطع عنك القالة، وإن كان كاذباً حاكمته إلى بعض كهان اليمن» ، فحلفت له بما يحلفون به في الجاهلية إنه لكاذب، فقال عتبة للفاكه: «يا هذا إنك قد رميت ابنتي بأمر عظيم فحاكمني إلى بعض كهان اليمن» ، فخرج عتبة في جماعة من بني عبد مناف، وخرج فاكه في جماعة من بني مخزوم. وأخرجوا معهم هنداً ونسوة معها، فلما شارفوا البلاد قالوا: «غداً نرد على الكاهن» فتغير لون هند، فقال لها أبوها: «إني أرى ما بك، فهلا كان هذا قبل خروجنا» ، قالت: لا والله يا أبتاه ما ذلك لمكروه، ولكن سنأتي بشرا يخطىء ويصيب فلا نأمن أن يسومني مما يكون فيه سبة على باقي عمري» ، قال: «إني سوف أختبره قبل أن ينظر في أمرك، فأخذ حبة من حنطة، فأدخلها في إحليل فرسه، وأوكى عليها بسير، فلما دخلوا على الكاهن قال له عتبة: «ما كان مني في طريقي» ؟ قال:
«ثمرة في كمرة» ، قال: «احتاج إلى أبين من هذا» ، قال: «حبة في إحليل مهر» ، قال: «صدقت، فما بال هؤلاء النسوة» ؟ فجعل يدنو من إحداهن فيضرب بمنكبها، حتى أتى إلى هند فضرب بمنكبها، وقال:
«انهضي غير رسحاء، ولا فاحشة، ولتلدين ملكاً يقال له معاوية» ، فوثب