«أجب المرهوق» ، قال: «وما ذاك» ؟ قال: «العجب كل العجب بين جمادى ورجب، وإني رجل من ضبة غصب أخ لي امرأة فخرج يستنقذها، فقتل، وقد عجزت عن قاتله» ، فخرج الخنيفس مغضباً، وأخذ رمحه، وركب معه، فلما نحا به عن قومه، دنا منه، فقنعه بالسيف، فأبان رأسه.
ويقال أن أول من قال: «سبق السيف العذل» ضمضم ابن عمرو اللخمي، كان يهوى امرأة فطلبها بكل حيلة، فأبت عليه، وطلبها عزيز بن عبيد بن ضمضمة، فأتته وتأبت على ضمضم، وكان ضمضم من أشد قومه بأساً، فاغتاظ لذلك ليلة، وهو متقلد سيفه حتى صار بمكان يراهما إذا اجتمعا ولا يريانه، فلما نام الناس، وطال هدو ضمضم إذ العزيز قد أقبل على فرسه، وهو يقول:
أمام توليني وتأبى بنفسها ... على ضمضم تعساً ورغماً لضمضم
وضمضم يسمع، فنزل وربط فرسه، ومشى إلى ناحية خبائها، فصدح صدوح الهام، وكان آية ما بينهما، فخرجت إليه، فعانقها وضمضم ينظر ثم واقعها، فلما رآها مشى إليهما بالسيف وهو يقول:
ستعلم أني لست أعشق مبغضاً ... فكان بنا عنها وعنك عزاء
وقتله، فعلم القوم بضمضم فأخذوه. فلما أصبح، أبرز إلى النادي ليقتل، فجعلوا يلومونه على قتله ابن عمه فقال: «سبق السيف العذل» .
ويقال أن أول من قال: «خير قليل وفضحت نفسي» فائرة امرأة مرة الأسدي، وكانت من أكمل النساء في زمانها، وكان زوجها غاب عنها أعواماً، فهويت عبداً له حبشياً يرعى إبلها، فأمرته أن يحضر مضجعها، وكان زوجها منصرفاً قد نزل تلك الليلة منها على مسيرة يوم، فبينا هو يطعم ومعه أصحابه، إذ نعق غراب، فأخبره أن امرأته لم تعهر قط، ولا تعهر إلا تلك الليلة، فركب فرسه ومر مسرعاً، وهو يرجو إن هو منعها تلك الليلة أمنها فيما بقي، فانتهى إليها حين قام العبد عنها، وندمت وهي تقول: «خير قليل وفضحت نفسي» ، فسمعها زوجها وهو يرعد لما به من الغيظ، فقالت له: