الفطيون، مال مالك إلى خزانة في ذلك البيت، فدخلها، فلما خرج النساء ودخلت المرأة قام إليها ليفترعها، فخرج إليه مالك بالسكين فوجأه فقتله، ثم قال لليهود: «دونكم جنوده فاقتلوهم» . فاجتمعت عليهم فقتلوهم عن آخرهم.
ومنه أخبار وأمثال: ذكروا أن أول من قال العجب كل العجب بين جمادى ورجب عاصم بن المقشعر الضبي، وذلك أن الخنيفس بن خشرم كان أغير أهل زمانه وأشجعهم، وكان لعاصم أخ يقال له عبيدة، عزيز في قومه، فهوي امرأة كانت تأتي الخنيفس، فبلغ الخنيفس ذلك، فتواعده عبيدة وركب الخنيفس فرسه وأخذ رمحه وانطلق يتربص عبيدة، حتى وقف على ممره فأقبل عبيدة وقد قضى من المرأة وطراً، وهو يقول:
ألا إن الخنيفس فاعلموه ... كما سماه والده لعين
بهيم اللون محتقرٌ ضئيلٌ ... لئيماتٌ خلائقه ضنين
أيوعدني الخنيفس من بعيدٍ ... ولما يلق مأبضه الوتين
لهوت بجارتيه وحاد عني ... ويزعم أنه أنفٌ شفون
فعارضه الخنيفس وهو يقول:
أيا أبن المقشعر لقيت ليثاً ... له في جوف أيكته عرين
تقول له صددت حذار حينٍ ... وأنك نشو أبطالٍ مبين
وأنك قد لهوت بجارتينا ... فهاك عبيد لاقاك القرين
ستعلم أينا أحمى ذماراً ... إذا قصرت شمالك واليمين
لهوت بها لقد أبدلت قبراً ... وباكيةً عليك لها رنين
فقال عبيدة: «أذكرك الله وحرمة خشرم» ، فقال: «والله لأقتلنك» ، فقتله، فلما بلغ أخاه عاصماً، خرج إليه، ولبس أطماراً، وركب فرسه، وكان في آخر يوم من جمادى، فأقبل يبادر دخول رجب، لأنهم كانوا لا يقتلون في رجب أحداً، فانطلق حتى وقف بباب خنيفس ليلا، وقال: