فافترعها، وردها إلى بعلها، ثم إن رجلاً من جديس تزوج غفيرة بنت غفار، عظيم جديس ورئيسها، فلما أرادوا أن يهدوها إليه، بدأوا بها عمليق فأدخلوها عليه والقيان معها يتغنين ويضربن بالدفوف ويقلن:

ابدي بعمليق ومعه فاركبي ... وبادري الصبح بأمرٍ معجب

فسوف تلقين الذي لم تطلبي ... ولم يكن من دونه من مذهب

فجعلت تقول وهي تزف:

ما أحدٌ أذل من جديس ... أهكذا يفعل بالعروس

يرضى بهذا يا لقومي حر ... من بعد ما أهدى وسيق المهر

لأن يلاقي المرء موت نفسه ... خيرٌ له من فعل ذا بعرسه

فلما دخلت عليه افترعها، ثم خلى سبيلها، فخرجت ووقفت على أخيها الأسود بن غفار، وهو قاعد في نادي قومه، وقد رفعت ثوبها عن عورتها وأنشأت تقول:

أيصلح ما يؤتى إلى فتياتكم ... وأنتم رجالٌ كثرةً عدد الرمل

وترضون هذا يا لقومي لأختكم ... عشية زفت في النساء إلى البعل

فإن أنتم لم تغضبوا بعد هذه ... فكونوا نساءً في المنازل والحجل

ودونكم طيب النساء وإنما ... خلقتم جميعاً للتزين والكحل

فلو أننا كنا رجالاً وكنتم ... نساءً لكنا لا نقيم على ذحل «1»

فقبحاً لبعلٍ ليس فيه حميةٌ ... ويختال يمشي بيننا مشية الفحل

فموتوا كراما أو أصيبوا عدوكم ... بداهيةٍ توري ضراماً من الجزل

وإلا فخلوا داركم وترحلوا ... إلى بلدٍ قفرٍ خلاءٍ من الأهل

ولا تخرجوا للحرب يا قوم إنها ... تقوم بأقوامٍ شدادٍ على رجل

فيهلك فيها كل وغدٍ مواكلٍ ... ويسلم فيها ذو الطعان وذو القتل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015