فأخبرتها بذلك، فرق الملك لها، وذكر غربتها، وقتله أباها، فقال لابنة السائس: «ما ترين في إتيانها» ؟ فقالت: «أيها الملك؟ إنه ليس في نسائك من لها عندي مثل منزلتها فصر إليها، فإنها غريبة قد فارقت أهلها، وهي في موضع رحمة» .
فقام الملك، حتى دخل عليها، وانتهى إلى باب مجلسها، فقامت إليه تمشي بأحسن هيئتها، متكسرة في حليها، وزينتها عبقةٌ بطيبها وعطرها، فقبلت بين عينيه، وأخذت بيده حتى أجلسته في صدر فراشها، وجعلت تقبل يديه ورجليه، ضاحكةً إليه، مظهرةً السرورو به. فجذبها إلى نفسه ودعاها إلى المضاجعة، فأتته؛ ولم يرد في الخلوة شيئاً إلا أجابته إليه؛ فلما قضى حاجته نازعها إلى المحادثة، فقال: «أين ما ذكر رسولك من وجعك» ؟
قالت: «يا سيدي، كنت متوجعة لفراقك حتى شفاني لقاؤك، وقلت ذلك لما نالني من تباريح الشوق إليك وطول صدودك وسلوتك» .
ثم أخذ معها في المداعبة، وأقام عندها سبعة أيام، فبينما هما يتلاعبان ويتذاكران ويتعانقان، إذ دخلت جارية لابنة السائس، فحيت الملك بتحية الملوك، ثم قالت للهندية: «إن سيدتي (تعني ابنة السائس) تقول:
قد اجتمع فيك ثلاث خصال: الأولى الغدر بمعلمتك، والثانية فضل تطاولك، والثالثة كفران النعمة للمنعم، وإني عن قريب رادتك من الملك إلى غصص الغيظ» .
فأفحمتها، وهملت «1» عيناها، ونظرت إلى الملك كالمستغيثة به فقال لها الملك: «يا حبيبتي؟ ما تنكرين من أمتك؟ قد وهبتها لك وجميع ما تملك» . فتجلي عنها غمها، فقالت لرسولتها: «انطلقي فأعلميها إن الملك قد وهبها وما تملك لي، وقولي لها: أرجعك فحش نفسك إلى لؤم حسبك، وإهمال أدبك. ائتيني، الساعة، بصغار المذلة، ورقة العبودية» .
فلما أبلغتها الرسول ذلك، أقبلت فدخلت عليها فحيت الملك وقامت