عن عدة نسائه، وأيهن أكرم عليه، وأتيني بعلم ذلك» .

فانطلقت حتى عرفت ذلك، وانصرفت فقالت: «إني وجدت له أربعمائة امرأة ما بين أمة وحرة، وليس فيهن أكرم عليه من ابنه سائس من سواسه، أعجبته، فتزوج بها» . فقالت: «انطلقي إليها، وأقرئيها مني السلام، وأعلميها أني أريد مؤاخاتها، والانقطاع إليها» .

فانطلقت الحاضنة إلى ابنة السائس، فأبلغتها رسالة مولاتها، فقالت لها: «أقرئيها مني السلام، وأعلميها أني قد أحببتها وأجبتها إلى ما سألت، فتصير إليّ» . فانصرفت، فأخبرتها بما قالت؛ فتهيأت بأحسن هيئة، وأقبلت إليها، ودخلت عليها، فرفعت مجلسها وأقبلت عليها، فذكرت حبها لها، ورغبتها في مواصلتها، فردت عليها ابنة السائس أحسن الرد، وأعلمتها سرورها بذلك، ثم تحدثتا ساعة؛ وانصرفت، وجعلت الهندية تأتيها غباً، وتظهر الأنس؛ فلما أنست بها، قالت لها: «إنك قد استلبت قلب الملك، وقهرت جميعنا بفضلك، وليس لواحدة منا نصيب، فأعلمينا الأمر الذي فضلتنا به لنزداد سروراً بما أوتيت، ومحبة لك، والانقطاع إليك» .

قالت: «إني لما عرفت ضعف نسبي، وقلة جمالي، علمت أنه لا يرجع الملك مني إلى شيء أحظى به عنده مثل المؤاتاة في الخلوة، وأن أبسطه إذا هم بالحركة، وأستميل قلبه باللطف وفضل الخدمة. فلما رآني على ذلك مستمرة، ورأى من سائر نسائه أنفة الأكفاء، وزهو الجمال، وخيلاء الملك، وعلمت أني إن أخذت ما أخذته، مع خمول نسبي، وقلة جمالي، ودقة خطري، لا يليق بي مثل الذي يليق بهن، ففضلني على جميع نسائه بذلك» .

فلما سمعت ابنة الملك ذلك، علمت أن قلوب الرجال لا تستمال إلا بالمؤاتاة، وسرعة الإجابة في الباه عند المشغلة؛ فعزمت أن تجعل ذلك عدّة لاستعطاف قلب الملك. فانصرفت إلى قصرها، وقالت لبعض جواريها:

«اذهبي إلى فلانة (تعني ابنة السائس) ، فإن رأيت الملك عندها فأعلميها أني عليلة من وجع عرض لي» . فانطلقت الجارية، فإذا الملك عندها،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015