عبدك جعفر» ، ثم حملها بالليل فوطئها، ثم ردها إلى منزل أبيها قال:
«وكان الهادي يشاور من أصحابه عبد العزيز بن موسى، وعيسى بن دأب، والعزيزي، وعبد الله بن مالك، فخرج ذات يوم إليهم وهو مغضب، كأنه جمل هائج، منتفخ الأوداج، منتقع اللون، فأقبل حتى جلس في مجلسه، وكان العزيزي أجرأهم عليه، فقال: «يا أمير المؤمنين، إنا نرى بوجهك ما كدر علينا عيشنا، وبغض الدنيا إلينا، فإن رأى أمير المؤمنين أن يخبرنا بالسبب، فإن كان عندنا حيلة أعلمناه بها، وإن تكن مشورة أشرنا بها، وإن أمكن احتمال الغم عنه وقيناه بأنفسنا، وحملنا الغم عنه» .
قال: فأطرق طويلاً، والعزيزي قائم، فقال له: «اجلس يا عزيزي، فإني لم أر كصاحب الدنيا قط أكثر آفات، وأعظم نائبة، ولا أنغص عيشاً» ، قال العزيزي: «وما ذاك يا أمير المؤمنين» ؟ قال: «لبابة بنت جعفر بن أبي جعفر قد علمتم موقعها مني، وأثرتها عندي، كلمتني بإدلال فأغلظت، فلم يكن لها عندي احتمال، ولا عندها إقصار، حتى وثبت عليها وضربتها ضرباً موجعاً» .
قال: وسكت، فقال ابن دأب: يا أمير المؤمنين، إنك والله لم تأت منكراً، ولا بديعاً، قد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤدبون نساءهم، ويضربونهن. هذا الزبير بن العوام، حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته، وثب على امرأته أسماء بنت أبي بكر، وهي أفضل نساء أهل زمانها، فضربها في شيء عتب عليها فيه ضرباً مبرحاً، حتى كسر يدها، وكان ذلك سبب فراقها، وذلك أنها استغاثت بولدها عبد الله، فجاء يخلصها من أبيه فقال:
«هي طالق إن حلت بيني وبينها» ، ففعل وبانت منه، وهذا كعب بن مالك الأنصاري، عتب على امرأته، وكانت من المهاجرات، فضربها حتى حال بنوها بينه وبينها، فقال:
فلولا بنوها حولها لخبطتها ... كخبطة فروجٍ ولم أتلعثم