ولو ركبت ما حرم الله لم يكن ... بأقبح عند الله مما استحلت
قال: وكان بالمدينة رجل قد أعطي جودة الرأي، ولم يكن فيها من يريد إبرام أمر إلا شاوره، فأراد رجل من قريش أن يتزوج، فأتاه فقال: «أنا أريد أن أضم إلي أهلاً فأشر علي» ، قال: «افعل تحصن دينك، وتصن مؤونتك، وإياك والجمال البارع» ، قال: «ولم نهيتني، وإنما هو نهاية ما يطلب الناس» ؟ قال: «لأنه ما فاق الجمال إلا لحقه قول» ، أما سمعت قول الشاعر:
ولن تصادف مرعى مونقاً أبداً ... إلا وجدت به آثار مأكول
قيل: وكانت جارية من بنات الملوك تكره التزويج، فاجتمع عندها نسوة فتذاكرن التزويج، وقلن لها: «ما يمنعك منه» ؟ قالت: «وما فيه من الخير» ؟ قلن: «وهل لذة العيش إلا في التزويج» ؟ قالت: «فلتصف كل واحدة منكن ما عندها فيه من الخير حتى أسمع» ؟ فقالت إحداهن: «زوجي عوني في الشدائد، وهو عائدي دون كل عائد، إن غضبت عطف، وإن مرضت لطف» ، قالت: «نعم الشيء هذا» ، قالت الأخرى: «زوجي لما عناني كافٍ، ولما أسقمني شافٍ، عرقه المسك المعراق، وعناق كالخلد، ولا يملّ طول العهد» . قالت: «هذا خير منه» ، قالت الأخرى: «زوجي الشعار حين أبرد، وأنيسي حين أفرد» . فتزوجت، فقلن لها: «يا فلانة، كيف رأيت» ؟ قالت: «أنعم النعيم، وسروراً لا يوصف، ولذة ليس منها خلف» .