هؤلاء الآباء في جميع الدنيا ما كان مثلهم ولا يكون مثلهم أحد أبداً» ، وقال الشاعر في ذلك:
ولم أر كالأسباط أبناء والدٍ ... ولا كأبيهم والداً حين ينسب
قال: ودخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتسب له، فقال: «أنا ابن الأشياخ الأكارم» ، فقال صلى الله عليه وسلم: «أنت إذاً يوسف صديق الرحمن عليه السلام ابن يعقوب إسرائيل الله ابن إسحق ذبيح الله ابن إبراهيم خليل الله» . وقال صلى الله عليه وسلم: «خير البشر آدم، وخير العرب محمد، وخير الفرس سلمان الفارسي، وخير الروم صهيب، وخير الحبشة بلال» .
قال: وسمع عمر بن الخطاب، وهو خليفة، صوتاً ولفظاً بالباب فقال بعض من عنده: «اخرج فانظر من كان من المهاجرين الأولين فأدخله» ، فخرج الرسول فوجد بلالاً وصهيبا وسلمان فأدخلهما، وكان أبو سفيان بن حرب وسهيل بن عمرو في عصابة من قريش جلوساً على الباب فقال: «يا معشر قريش، أنتم صناديد العرب وأشرافها وفرسانها بالباب، ويدخل حبشي وفارسي ورومي» ، فقال سهيل: «يا أبا سفيان أنفسكم فلوموا، ولا تذموا أمير المؤمنين، دعي القوم فأجابوا، ودعيتم فأبيتم، وهم يوم القيامة أعظم درجات واكثر تفضيلاً» ، فقال أبو سفيان: «لا خير في مكان يكون فيه بلال شريفاً» .
فأما صناعات الأشراف، فإنه روى أن أبا طالب كان يعالج العطر والبز، وأما أبو بكر وعمر وطلحة وعبد الرحمن بن عوف فكانوا بزازين، وكان سعد بن أبي وقاص يعذق النخل، وكان أخوه عتبة نجاراً، وكان العاص بن هشام أخو أبي جهل بن هشام جزاراً، وكان الوليد ابن المغيرة حدادا، وكان عقبة بن أبي معيط خماراً، وكان عثمان بن طلحة صاحب مفتاح البيت خياطا، وكان أبو سفيان بن حرب يبيع الزيت والأدم، وكان أمية بن خلف يبيع البرم، وكان عبد الله بن جدعان نخاساً، وكان العاص بن وائل يعالج الخيل والإبل، وكان جرير بن عمرو وقيس أبو الضحاك بن قيس، ومعمر بن