وكفّ شثنه البراثن «1» إلى مخالب كالمحاجن ثم ضرب بذنبه فأرهج «2» وكشر فأفرج عن أنياب كالمعاول مصقولة غير مفلولة وفم أشدق كالغار الأخرق ثم تمطى فأسرع بيديه وحفر وركيه برجليه حتى صار ظله مثليه، ثم أقعى «3» فاقشعر «4» ، ثم مثل «5» فاكفهر «6» ، ثم تجهم فازبأر «7» ، فلا والذي بيته في السماء ما أتقيناه بأول من أخ لنا من بني فزارة كان ضخم الجزارة فوهصه «8» ثم أقعصه فقضقض متنه وبقر بطنه، فجعل يلغ في دمه فذمرت أصحابي فبعد لأي ما استقدموا فكر مقشعر الزبرة كأن به شيهماً «9» حولياً فاختلج من دوني رجلا اعجر ذا حوايا فنفضه نفضة فتزايلت أوصاله واتقطعت أوداجه، ثم نهم فقرقر، ثم زفر فبربر، ثم زأر فجرجر ثم لحظ، فو الله لخلت البرق يتطاير من تحت جفونه عن شماله ويمينه، فارتعشت الأيدي واصطكت الأرجل وأطت الأضلاع وارتجت الأسماع وحملجت العيون وانخزلت المتون ولحقت الظهور البطون ثم ساءت الظنون وأنشأ (يقول) :

عبوس شموس، مصلخد خنايس ... جريء على الأرواح للقرن قاهر «10»

منيع ويحمي كل واد يرومه ... شديد أصول الماضغين مكابر

براثنه شثن وعيناه في الدجى ... كجمر الغضا في وجهه الشر ظاهر

يدل بانياب حداد كأنها ... إذا قلص الأشداق عنها خناجر

فقال عثمان: أكفف لا أم لك، فلقد أرعبت قلوب المسلمين ولقد وصفته حتى كأني أنظر إليه يريد يواثبني. وقيل في المثل: وهو أجبن من هجرس- وهو القرد- وذلك لأنه لا ينام إلا وفي يده حجر مخافة أن يأكله الذئب. وحدثنا رجل بمكة قال: إذا كان الليلة رأيت القرود تجتمع في موضع واحد ثم تبيت مستطيلة واحداً في أثر واحد في يد كل واحد منهم حجر لئلا ترقد فيأتيها الذئب فيأكلها وإن نام واحد وسقط الحجر من يده خرج

طور بواسطة نورين ميديا © 2015