من ذلك فإن عفا عني الأمير رجوت أن لا يؤاخذني بغيره فأطلقه ووصله ورده إلى بلده.
وضده، قال: دخل أبو زبيد الطائي على عثمان بن عفان في خلافته، وكان نصرانياً فقال له: بلغني أنك تجيد وصف الأسد. فقال له: لقد رأيت منه منظراً وشهدت منه مخبراً لا يزال ذكره يتجدد على قلبي. قال: هات ما مر على رأسك منه. قال: خرجت يا أمير المؤمنين في صيابة، من إفناء قبائل العرب ذوي شارة حسنة ترتمي بنا المهاري بأكسائها القزوانيات ومعنا البغال عليها العبيد يقودون عتاق الخيل نريد الحارث بن أبي شمر الغساني ملك الشام، فاخروط «1» بنا المسير في حمارة القيظ حتى إذا عصبت الأفواه وذبلت الشفاه وشالت المياه وأذكت الجوزاء المعزاء وذاب الصيخد «2» وصر الجندب وضايق العصفور الضب في وجاره قال قائلنا: أيها الركب غوروا بنا في دوح هذا الوادي فإذا واد كثير الدغل دائم الغلل شجراؤه مغنة وأطياره مرنة، فحططنا رحالنا بأصول دوحات كنهبلات فأصبنا من فصلات المزاود وأتبعناها بالماء البارد، فأنا لنصف حر يومنا ومما طلته إذ صر أقصى الخيل أذنيه وفحص الأرض بيده، ثم ما لبث إن جال فحمحم وبال فهمهم ثم فعل الذي يليه واحد بعد واحد فتضعضعت الخيل وتكعكعت «3» الإبل وتقهقرت البغال، فمن نافر بشكاله وناهض بعقاله فعلمنا أن قد أتينا وأنه السبع لا شك فيه ففزع كل امرىء منا إلى سيفه واستله من جربانه، ثم وقفنا له رزدقاً «4» فأقبل يتطالع في مشيته كأنه مجنوب أو في هجار لصدره نحيط وليلا غيمه غطيط ولطرفه وميض ولا رساغه نقيض كأنما يخبط هشيماً أو يطأ صريماً «5» ، وإذا هامة كالمجن وخد كالمسن وعينان سجراوان «6» كأنهما سراجان يقدان وقصرة «7» ربلة «8» ولهزمة «9» رهلة وكتد مغبط وزور مفرط وساعد مجدول وعضد مفتول