عاصم بن كلبة السعدي، فشد عليه وأنشد يقول:
إنك يا عاصم بي لجاهل ... إذ رمت أمراً أنت عنه ناكل
إني كمي في الحروب باسل ... ليث إذا اصطك الليوث بازل
ضراب هامات العدى منازل ... قتال أقران الوغى مقاتل
ثم طعنه فقتله. وقال: يا فتيان، هل لكم في العافية؟ وإلا فارس وفارس، فتقدم إليه آخر من أصحابي فقال له الغلام: من أنت؟ فقال: أنا صابر بن حرقة. فشد عليه وأنشأ يقول:
إنك والإله لست صابرا ... على سنان يجلب المقادرا
ومنصل مثل الشهاب باترا ... في كف قزم يمنع الحرائرا
إني إذا رمت امرأ فآسرا ... يكون قرني في الحروب بائرا
ثم طعنه فقتله. ثم قال: يا فتيان هل لكم في العافية؟ وإلا فارس لفارس فلما رأيت ذلك هالني أمره وأشفقت على أصحابي فقلت: احملوا عليه حملة رجل واحد فلما رأى ذلك أنشأ يقول:
الآن طاب الموت ثم طابا ... إذ تطلبون رخصة كعابا
ولا نريد بعدها عتابا
فركبت نعيمة فرسها وأخذت رمحها فما زال يجالدنا ونعيمة حتى قتل منا عشرين رجلا فاشفقت على أصحابي فقلت: يا غلام قد قبلنا العافية والسلامة. فقال: ما كان أحسن هذا لو كان أولاً ونزلنا وسالمنا. ثم قلت: يا عامر بحق الممالحة من أنت؟ قال: أنا عامر بن حرقة الطائي وهذه ابنة عمي ونحن في هذه البرية منذ زمان ودهر ما مر بنا إنسي غيركم، فقلت: من أين طعامكم؟ قال: حشرات الطير والوحش والسباع. قلت: إن معي مائة من الإبل موقرة متاعاً فخذ منها حاجتك. فقال: لا أرب لي فيها ولو أردت ذلك لكنت أقدر عليه فارتحلنا عنه منصرفين. فقال الحجاج: الآن يا عدو الله طاب قتلك لغدرك بالفتى. قال: كان خروجي على الأمير أصلحه الله أعظم