له التيمم لقوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الصَّعِيدُ الطَّيِّبُ وُضُوءُ المسلم ما لم يجد الماء) فان وجد الماء وهو محتاج إليه للعطش فهو كالعادم لانه ممنوع من استعماله فاشبه إذا وجد ماء وبينهما سبع]
* [الشَّرْحُ] هَذَا الْحَدِيثُ صَحِيحٌ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَمَذْهَبُنَا وَمَذْهَبُ مَالِكٍ وَالْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ التَّيَمُّمُ مَعَ وُجُودِ مَاءٍ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْمَالِهِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ
لِعَطَشٍ وَنَحْوِهِ سَوَاءٌ خَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ لَوْ تَوَضَّأَ أَمْ لَا وَسَوَاءٌ صَلَاةُ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ وَغَيْرِهِمَا وَحَكَى الْبَغَوِيّ وَجْهًا أَنَّهُ إذَا كَانَ مَعَهُ مَاءٌ وخاف فوت وَقْتِ الصَّلَاةِ لَوْ اشْتَغَلَ بِالْوُضُوءِ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيُعِيدُ الصَّلَاةَ وَهَذَا الوجه شاذ ليس بشئ وحكي العبدرى مثله عن الاوزاعي والثوري ورواية عَنْ مَالِكٍ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يَجُوزُ التَّيَمُّمُ لِصَلَاةِ الْعِيدِ وَالْجِنَازَةِ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ إذَا خَافَ فَوْتَهُمَا وَحُكِيَ هَذَا عَنْ الزُّهْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ وَالثَّوْرِيِّ وَإِسْحَاقَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ مِنْ نَحْوِ بِئْرِ جَمَلٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَيَمَّمَ بِالْجِدَارِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ صَحِيحٌ سَبَقَ بَيَانُهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ تَيَمَّمَ وَصَلَّى عَلَى جِنَازَةٍ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي رَجُلٍ تفجأه جِنَازَةٌ قَالَ يَتَيَمَّمُ وَيُصَلِّي عَلَيْهَا قَالُوا وَلِأَنَّهَا يُخَافُ فَوْتُهَا فَأَشْبَهَ الْعَادِمَ وَاحْتَجَّ أَصْحَابُنَا بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَمْ تَجِدُوا ماء فتيمموا وَبِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ وَبِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ مُصَرِّحَةٍ بِأَنَّ التَّيَمُّمَ لَا يَجُوزُ مَعَ وُجُودِ الْمَاءِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الصَّلَوَاتِ وَبِالْقِيَاسِ عَلَى الْجُمُعَةِ إذَا خَافَ فَوْتَهَا وَهَذَا قِيَاسُ الشَّافِعِيِّ فَإِنْ قَالُوا الْجُمُعَةُ تَنْتَقِلُ إلَى بَدَلٍ فَلَا تَفُوتُ مِنْ أَصْلِهَا قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ بَلْ تَفُوتُ الْجُمُعَةُ بِخُرُوجِ وَقْتِهَا وَقَدْ نَقَلَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّهَا تَفُوتُ بِخُرُوجِهِ وَالْجِنَازَةُ لَا تَفُوتُ بَلْ يُصَلِّيهَا عَلَى الْقَبْرِ إلَى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِالْإِجْمَاعِ وَيَجُوزُ بَعْدَهَا عِنْدَنَا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى مَنْ هُوَ عَارٍ وَفِي بيته ثوب لو ذهب إليه فاتتا وَبِالْقِيَاسِ عَلَى إزَالَةِ النَّجَاسَةِ وَالْجَوَابُ عَنْ الْحَدِيثِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّهُ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ وَالثَّانِي جَوَابُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَصَاحِبِ الْحَاوِي وَالشَّيْخِ نَصْرٍ وَغَيْرِهِمْ أَنَّ الطَّهَارَةَ لِلسَّلَامِ لَيْسَتْ بِشَرْطٍ فَخَفَّ أَمْرُهَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ وَأَمَّا الْأَثَرَانِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فَضَعِيفَانِ وَقَوْلُهُمْ يُخَافُ فَوْتُهُمَا يَنْتَقِضُ بِالْجُمُعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
* هَذَا حُكْمُ وَاجِدِ الْمَاءِ الَّذِي لَا يخاف من استعماله ولايحتاج إلَيْهِ لِعَطَشٍ فَأَمَّا الْخَائِفُ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا مَنْ يَحْتَاجُ إلَيْهِ للعطش فهو كالعادم فيتيم مَعَ وُجُودِهِ وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ نَقَلَ ابن المنذر