وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَيْهِ وَاتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِعَطَشِ نَفْسِهِ أَوْ رَفِيقِهِ أو حيوان محترم من مسلم أو أمي أَوْ مُسْتَأْمَنٍ أَوْ بَهِيمَةٍ جَازَ التَّيَمُّمُ بِلَا إعَادَةٍ قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَحْرُمُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ
وَقَدْ نَبَّهَ الْمُصَنِّفُ عَلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (لِأَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ) يَعْنِي أَنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنْ اسْتِعْمَالِهِ شَرْعًا مَنْعَ تَحْرِيمٍ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الْمُحْتَاجِ هِبَةً أَوْ بِعِوَضٍ صَرَّحَ بِهِ الْغَزَالِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ وَصَاحِبَا التَّتِمَّةِ وَالتَّهْذِيبِ وَآخَرُونَ وَلَوْ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِعَطَشِهِ فَآثَرَ بِهِ مُحْتَاجًا لِعَطَشِهِ وَتَيَمَّمَ جَازَ وَلَا إعَادَةَ بِخِلَافِ مَا لَوْ آثَرَهُ لِوُضُوئِهِ فَإِنَّهُ يَعْصِي وَيُعِيدُ عَلَى تَفْصِيلٍ سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَقَّ فِي الطَّهَارَةِ مُتَمَحِّضٌ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ تَفْوِيتُهُ وَأَمَّا الشُّرْبُ فَمُعْظَمُ الْمَطْلُوبِ مِنْهُ حَقُّ نَفْسِهِ وَالْإِيثَارُ فِي حُظُوظِ النُّفُوسِ مِنْ عَادَةِ الصَّالِحِينَ وَقَدْ صَرَّحَ الْأَصْحَابُ بِالْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْأَطْعِمَةِ وَسَنَزِيدُهَا إيضَاحًا هُنَاكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَمِمَّنْ ذَكَرَهَا هُنَا الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ أَمَّا إذَا كَانَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مُحْتَرَمٍ كَالْحَرْبِيِّ وَالْمُرْتَدِّ وَالْخِنْزِيرِ وَالْكَلْبِ وَسَائِرِ الْفَوَاسِقِ الْخَمْسِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْحَدِيثِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا فَلَا يَجُوزُ صَرْفُ الْمَاءِ إلَى سَقْيِهَا بِالِاتِّفَاقِ بَلْ يَجِبُ الْوُضُوءُ بِهِ فَإِنْ سَقَاهَا وَتَيَمَّمَ أَثِمَ وَلَزِمَهُ الْإِعَادَةُ إنْ تَيَمَّمَ مَعَ بَقَاءِ الْمَاءِ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ السَّقْيِ فَهُوَ كَإِرَاقَةِ الْمَاءِ سَفَهًا وَسَيَأْتِي حُكْمُهَا حَيْثُ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا الْعَطَشُ الْمُبِيحُ لِلتَّيَمُّمِ فَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَالْغَزَالِيُّ فِي الْبَسِيطِ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الْخَوْفِ الْمُعْتَبَرِ فِي الْمَرَضِ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ثُمَّ اتَّفَقَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَطَشِهِ فِي الْحَالِ وَثَانِي الْحَالِ فَلَهُ تَزَوُّدُ الْمَاءِ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ لِلْعَطَشِ قدامه بِلَا خِلَافٍ قَالَ الْجُمْهُورُ وَكَذَا لَوْ خَشِيَ عَطَشَ رَفِيقِهِ أَوْ حَيَوَانٍ مُحْتَرَمٍ فَلْيَتَزَوَّدْ وَيَتَيَمَّمْ وَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَحَكَى إمَامُ الْحَرَمَيْنِ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَتَزَوَّدُ لِعَطَشِ رَفِيقِهِ كَمَا ذَكَرْنَا قَالَ الْإِمَامُ وَفِي هَذَا نَظَرٌ قَالَ الرَّافِعِيُّ الظَّاهِرُ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يَتَزَوَّدُ لِرَفِيقِهِ كَنَفْسِهِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ الرُّوحَيْنِ قَالَ الْمُتَوَلِّي لَوْ كَانَ يَرْجُو وُجُودَ الْمَاءِ فِي غَدِهِ وَلَا يَتَحَقَّقُهُ فَهَلْ لَهُ التَّزَوُّدُ فِيهِ وَجْهَانِ قُلْت الْأَصَحُّ الْجَوَازُ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَلَا نَأْمُرُ الْعَطْشَانَ أَنْ يَتَوَضَّأَ بِالْمَاءِ ثُمَّ يَجْمَعُهُ وَيَشْرَبُهُ لِأَنَّ النَّفْسَ تَعَافُهُ قَالَ الرَّافِعِيُّ كَانَ وَالِدِي يَقُولُ يَنْبَغِي أَنْ يَلْزَمَهُ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَ وَلَا يَجُوزُ التيمم قال وما ذكره والدى يجئ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ لِأَنَّ أَبَا عَلِيٍّ الزَّجَّاجِيَّ وَالْمَاوَرْدِيَّ وَآخَرِينَ ذَكَرُوا فِي كُتُبِهِمْ أَنَّ مَنْ مَعَهُ مَاءٌ طَاهِرٌ وَآخَرُ نَجِسٌ وَهُوَ عَطْشَانُ يَشْرَبُ النَّجِسَ وَيَتَوَضَّأُ بِالطَّاهِرِ فَإِذَا