الَّتِي يَقْتَضِيهَا مُطْلَقُ الْعَقْدِ فَإِذَا بَانَ كَوْنُهُ معيبا صار كانه اتلفه ولم يجز عَلَيْهِ عَقْدٌ فَكَانَ الثَّمَنُ فِي هَذَا بَعِيدًا عن العقد فلم تنسب الْقِيمَةَ إلَيْهِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الشَّيْخِ فَصَارَ كَالْمَقْبُوضِ عَلَى وَجْهِ السَّوْمِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ هُوَ الْمُفَرِّطُ بِقَطْعِ يَدِ الْعَبْدِ وتعيينه وَلَمْ يُنْسَبْ الْبَائِعُ فِيهِ إلَى تَقْصِيرٍ فِي عَيْبٍ أَصْلًا فَكَأَنَّ الْمُشْتَرِيَ رَضِيَ بِالْعَقْدِ وَرَضِيَ بالتزام الثمن فيه فقرب الثَّمَنُ مِنْ الْعَقْدِ فَاعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ مَنْسُوبَةً إلَى الثَّمَنِ (الْفَرْقُ الثَّانِي) أَنَّ نِسْبَةَ يَدَيْ الْعَبْدِ كَنِسْبَةِ نَفْسِهِ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ فِي أَنَّ جِرَاحَ الْعَبْدِ مِنْ قِيمَتِهِ كَجِرَاحِ الْحُرِّ مِنْ دِيَتِهِ فَيَدُهُ كَنِصْفِ نَفْسِهِ فَلَوْ قَتَلَ الْمُشْتَرِي الْعَبْدَ كَانَ قَابِضًا لَهُ قَوْلًا وَاحِدًا فَإِذَا قطع يده فكأنه قبض نصف العبد تقريرا فَإِذَا مَاتَ بَعْدَ الِانْدِمَالِ بِيَدِ الْبَائِعِ اُعْتُبِرَتْ الْقِيمَةُ مَنْسُوبَةً إلَى الثَّمَنِ لِقُرْبِ الْعَقْدِ مِنْ الِاسْتِقْرَارِ وَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ يُقَوِّي ما ذكرناه من الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ وَيُفْهَمُ مِنْهُ اخْتِلَافُ مَا بَيْنَهُمَا وَقَوْلُ الْمَاوَرْدِيُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ إنَّهُ يَضْمَنُهُ بِالْأَرْشِ الْمُقَرَّرِ كَالْأَجْنَبِيِّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يَضْمَنُهُ بِنِصْفِ قِيمَتِهِ تَقْدِيرًا (وَقَوْلُهُ) فِي الْوَجْهِ الثَّانِي إنَّهُ يَضْمَنُهُ بِمَا
نَقَصَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُلْحَقُ بِغَيْرِ الْعَبْدِ كَالْبِطِّيخِ وَغَيْرِهِ وَكَأَنَّ الْوَجْهَ الْأَوَّلَ مبنى على مذهب الشافعي في جراح المعبد
(وَالثَّانِي)
مَبْنِيٌّ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ سُرَيْجٍ أَنَّهَا غَيْرُ مُقَدَّرَةٍ بَلْ الْوَاجِبُ فِيهَا مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا كَالْوَاجِبِ فِي غَيْرِ الْعَبِيدِ وَذَكَرَ الْإِمَامُ فِي الْغَصْبِ خِلَافًا فِي أَنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَطَعَ يَدَيْ الْعَبْدِ هَلْ يَكُونُ قَابِضًا لَهُ وَيَسْقُطُ ضَمَانُ الْعَقْدِ فِي الْبَاقِي وَاسْتَضْعَفَ الْقَوْلَ بِالسُّقُوطِ هَذَا جَوَابُ ابْنِ أَبِي الدَّمِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَمَا لَحَظَهُ فِي الْفَرْقِ الْأَوَّلِ مِنْ التَّفْرِيطِ وَعَدَمِهِ غَيْرُ مُتَّضِحٍ وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْقِ الثَّانِي مِنْ قُرْبِ الِاسْتِقْرَارِ أَبْعَدُ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ هُنَا بَعْدَ الْقَبْضِ الْمُحَقَّقِ وَقَدْ اسْتَقَرَّ الْعَقْدُ وَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُنْسَبَ مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ مَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إلَى مَا قَالَهُ مُجَلِّي وَأَيَّدَهُ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ عَلَى أَنَّ غَرِيمَ الْمُفْلِسِ إذَا رَجَعَ فِي الْعَيْنِ وَقَدْ نَقَصَتْ فِي يَدِ الْمُفْلِسِ بِفِعْلٍ مَضْمُونٍ يَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِقَدْرِ أَرْشِ النَّقْصِ مِنْ الثَّمَنِ واعتذر عما ذكره الاصحاب على اختلاف احتمال مجلى بتخصيص ما ذكره بِحَالَةِ فَوَاتِ وَصْفٍ مُجَرَّدٍ مِنْ الْمَبِيعِ لَيْسَ بِجُزْءٍ وَمَا ذَكَرَ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمَنْقُولَةِ مِمَّا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ اخْتِلَافِ الْمُتَبَايِعَيْنِ وَغَيْرِهِ فِي بَعْضِ الْأَجْزَاءِ وَهِيَ أَقْرَبُ إلَى الْمُقَابَلَةِ مِنْ الصِّفَاتِ الْمُجَرَّدَةِ فَلِذَلِكَ جُعِلَ مُسْتَوْفِيًا لَهَا وَحَسَبَ بَدَلَهَا عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِخِلَافِ الصِّفَاتِ فَإِنَّ الْعَبْدَ إذَا زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ أبق لا يمكن أن يجعل المشترى بذك مُسْتَوْفِيًا لِصِفَةِ السَّلَامَةِ مِنْهُ حَتَّى يَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ بِنِسْبَةِ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ قَالَ وَهَذَا مِنْ دَقِيقِ الْفِقْهِ فَلْيُتَأَمَّلْ (قُلْتُ) وَهُوَ حَسَنٌ إنْ سَلِمَ لَكِنْ يَخْدِشُهُ أَمْرَانِ
(أَحَدُهُمَا)
تَعْلِيلُ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ بِأَنَّهُ لَمَّا رُدَّ انْفَسَخَ الْعَقْدُ فِيهِ وَصَارَ كَالْمَقْبُوضِ بِالسَّوْمِ وَالْمَقْبُوضُ بِالسَّوْمِ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ لَا فَرْقَ فِيهِ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ وَالْأَوْصَافِ وَكَمَا أَنَّا فِي الْأَرْشِ