المأخوذ من المبائع لَا نُفَرِّقُ فِيهِ بَيْنَ الْأَجْزَاءِ وَالْأَوْصَافِ فَكَذَلِكَ هُنَا وَمَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْأَرْشَ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَيَأْخُذُهُ عَنْ الزِّنَا وَالْإِبَاقِ وَنَحْوِهِ مِنْ الْأَوْصَافِ مِنْ الْبَائِعِ مَنْسُوبًا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَتْ بِمُقَابَلَتِهِ إلَّا عَلَى وَجْهِ التَّقْدِيرِ إن صح فكيف لا ينزلها في حانب الْمُشْتَرِي كَذَلِكَ وَأَيْضًا فَإِنَّهُمْ أَطْلَقُوا هُنَا وَقَدْ يكون الذاهب جزأ
(وَالثَّانِي)
أَنَّ الْغَزَالِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي مَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ بَعْدَ أَنْ حَكَى قَوْلَ ابْنِ سُرَيْجٍ وَالْأَصْحَابِ قَالَ فَتَحَصَّلْنَا عَلَى احْتِمَالَيْنِ فِي حَقِيقَةِ كل واحد من الارشين أنه غرم ابتداءا وَفِي مُقَابَلَةِ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ وَالْمَشْهُورُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ سُرَيْجٍ فِيهِمَا جَمِيعًا يَعْنِي أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ وَالْفَائِتُ فِي مَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ
بِالْكَسْرِ وَصْفٌ لَا جُزْءٌ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ هَذَا وَإِنْ اسْتَشْكَلْنَا بِهِ قَوْلَ ابْنِ الرِّفْعَةِ فَإِنَّهُ يُشْكِلُ أَيْضًا عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ هُنَا مِنْ أَنَّ الْأَرْشَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَثْبُتُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ مِنْ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ يُخَالِفُ قَوْلَ الْغَزَالِيِّ إنَّهُ جُزْءٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالْمَأْخُوذِ مِنْ الْبَائِعِ عَلَى أَحَدِ الِاحْتِمَالَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرَهُمَا وَقَالَ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْمَشْهُورَ الَّذِي قَالَ بِهِ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ فِي الْأَرْشِ الْقَدِيمِ فَلِمَ لَا كَانَ كَذَلِكَ فِي الْأَرْشِ الْحَادِثِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا يلزم من كونه جزء مِنْ الثَّمَنِ أَنْ يَكُونَ مَنْسُوبًا مِنْهُ وَهُوَ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ مَتَى لَمْ يُنْسَبْ مِنْهُ لَا يكون جزأ مِنْهُ فَكَلَامُ الْغَزَالِيِّ فِي الْأَرْشِ الْحَادِثِ مُخَالِفٌ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ هُنَا ثُمَّ إنَّ لِلْغَزَالِيِّ أَنْ يَقُولَ لِلْأَصْحَابِ أَنْتُمْ مَنَعْتُمْ رَدَّ الْحُلِيِّ مَعَ أَرْشِ الْكَسْرِ الْحَادِثِ حَذَرًا مِنْ الرِّبَا وَقُلْتُمْ إمَّا أَنْ يَرُدَّهُ وَحْدَهُ وَيَسْتَرْجِعَ الثَّمَنَ ثُمَّ يَغْرَمَ أَرْشَ الْحَادِثِ كَالْمُسْتَامِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ وَإِمَّا أَنْ يَغْرَمَ قِيمَتَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ وَإِمَّا أَنْ يَأْخُذَ أَرْشَ الْقَدِيمِ كَمَا قَالَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ وَمَنَعُوهُ أَنْ يَضُمَّ أَرْشَ الْحَادِثِ إلَيْهِ فِي الرَّدِّ كَمَا يَفْعَلُ فِي غَيْرِهِ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ حَيْثُ أَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي لَا يَكُونُ جزأ مِنْ الثَّمَنِ فَلَا تَخْصِيصَ لِمَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ بَلْ صَارَتْ هِيَ وَغَيْرُهَا الْأَرْشَ الَّذِي يَرُدُّهُ الْمُشْتَرِي كَالْأَرْشِ الَّذِي يَغْرَمُهُ الْمُسْتَامُ وَلَا يَبْقَى مَحْذُورٌ مِنْ جِهَةِ الرِّبَا فِيهِ وَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ جزأ مِنْ الثَّمَنِ كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُمْ فِي مَسْأَلَةِ الحلى وفروا إلى أن جعلوه كالمستام للضرورة فِرَارًا مِنْ الرِّبَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ يَكُونُ بِخِلَافِهِ وَلَا يَخْرُجُ عَنْ كَوْنِهِ مَنْسُوبًا مِنْ الثَّمَنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْإِمَامَ نَبَّهَ عَلَى الْأَرْشِ عَنْ الْحَادِثِ كَيْفَ يُضَمُّ إلَى الْمَبِيعِ الْمَعِيبِ وَيَرُدُّ الرَّدَّ عَلَيْهِمَا جَمِيعًا وَاسْتِشْكَالُ ذَلِكَ وَالْخَلَاصُ عَنْهُ بِمَا سَبَقَ فَإِنْ صَحَّ مَا يَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ هُنَا مِنْ أَنَّ أَرْشَ الْحَادِثِ لَا يُنْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ خَرَجَتْ مَسْأَلَةُ الْحُلِيِّ فِي رَدِّ الْأَرْشِ الْحَادِثِ مَعَهَا عَنْ الْإِشْكَالِ وَبَيْنَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الِاحْتِمَالَاتِ فِي رَدِّ الْأَرْشِ عَنْ الْحَادِثِ وَأَنَّ سَبِيلَهُ سَبِيلُ الْغَرَامَاتِ لَا غَيْرُ لَكِنْ يَبْقَى عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مُجَلِّي مِنْ الْإِشْكَالِ وَعِنْدَ هَذَا أَقُولُ إنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ وَالْأَصْحَابِ هُنَا لَمْ يُرِيدُوا بِهِ كُلَّ الْعُيُوبِ الْحَاصِلَةِ فِي يَدِ المشتر كَالزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالْإِبَاقِ