الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ هُنَا أَنَّهُ مُخَالِفٌ وَأَنَّ الْأَرْشَ هَهُنَا لَا يُنْسَبُ مِنْ الثَّمَنِ بَلْ هُوَ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَةِ السَّلِيمِ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْكِتَابِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُتَأَخِّرِينَ وَمِنْهُمْ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ وَصَاحِبُ التَّتِمَّةِ وَصَاحِبُ التَّهْذِيبِ وَالرَّافِعِيُّ وَخَلَائِقُ لَا يُحْصَوْنَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا اخْتِصَاصَ لَهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ بِحَيْثُ أَمَرْنَا الْمُشْتَرِيَ بِرَدِّ الْأَرْشِ عَلَى الْبَائِعِ بَعْدَ الْفَسْخِ فِي الْعُيُوبِ الْحَادِثَةِ وَلِذَلِكَ قَالَ الرُّويَانِيُّ فيما إذا تقابلا ثُمَّ وَجَدَ الْبَائِعُ بِالْمَبِيعِ عَيْبًا حَدَثَ عِنْدَ المشترى وقلنا بأن الاقلة لَا تَنْفَسِخُ وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الرُّويَانِيِّ إنَّهُ يَرْجِعُ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِالْأَرْشِ قَالَ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ نُقْصَانُ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُرْتَفِعٌ بَيْنَهُمَا وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ الْمُصَنِّفُ وَالْأَصْحَابُ يَطْرُقُهُ أَمْرَانِ

(أَحَدُهُمَا)

مِنْ جِهَةِ الْبَحْثِ

(وَالثَّانِي)

مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ أَمَّا الَّذِي مِنْ جِهَةِ الْبَحْثِ فَقَالَ مُجَلِّي فِي الذَّخَائِرِ فِيهِ احْتِمَالٌ لِأَنَّ الْفَسْخَ يَرْفَعُ الْعَقْدَ بَعْدَ الْقَبْضِ مِنْ حِينِهِ فَقَدْ وُجِدَ الْعَيْبُ فِي يَدِهِ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَوَاتُ ذَلِكَ الْجُزْءِ مَضْمُونًا بِجُزْءٍ مِنْ الثَّمَنِ وَأَمَّا الَّذِي مِنْ جِهَةِ النَّقْلِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ اختلاف المبايعين إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ فِي يَدِ الْبَائِعِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْفَسْخُ فَإِنْ انْدَمَلَ ثُمَّ تَلِفَ فِي يَدِ الْبَائِعِ رَجَعَ الْبَائِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي بِأَرْشِ النَّقْصِ فَيُقَوَّمُ مَعَ الْيَدِ وَيُقَوَّمُ بِلَا يَدٍ ثُمَّ يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ فَلِذَلِكَ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ إنَّ الْمُشْتَرِيَ إذَا وَطِئَ الْجَارِيَةَ الْمَبِيعَةَ الْبِكْرَ فِي يَدِ الْبَائِعِ ثُمَّ تَلِفَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَجِبُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ مَنْسُوبًا

مِنْ الثَّمَنِ وَطَرَدَ ذَلِكَ فِيمَا إذَا قَطَعَ يَدَ الْعَبْدِ ثُمَّ مَاتَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ الْقَبْضِ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ نِصْفُ الثَّمَنِ وَقَالَ إذَا قَطَعَ الْمُشْتَرِي يَدَ الْعَبْدِ أَنَّهُ يَسْتَقِرُّ الْعَقْدُ بِجُمْلَةِ الثَّمَنِ حَتَّى إذَا تَلِفَ الْعَبْدُ بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْبَائِعِ بشئ وفى الحاوى حكاية خلاف في صور قَطْعِ الْيَدِ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي عِنْدَ تَلَفِ الْعَبْدِ بِالْأَرْشِ الْمُقَدَّرِ كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ بِمَا نَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ كَانَتْ فِي مِلْكِهِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي التَّهْذِيبِ هَلْ يَسْتَقِرُّ عَلَى الْمُشْتَرِي مِنْ الثَّمَنِ نِسْبَةُ مَا انْتَقَصَ مِنْ الْقِيمَةِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْمَجْزُومُ بِهِ فِي شَرْحِ الْفُرُوعِ لِلْقَفَّالِ وَقَدْ قَدَّمْتُ ذَلِكَ عَنْ الْقَاضِي حسين والقفال في وطئ الْبِكْرِ فَهَذِهِ النُّقُولُ كُلُّهَا إلَّا مَا فِي الْحَاوِي تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَرْشَ الْمَأْخُوذَ مِنْ الْمُشْتَرِي مُقَدَّرٌ مِنْ الثَّمَنِ كَالْأَرْشِ الْمَأْخُوذِ مِنْ الْبَائِعِ وَذَلِكَ يُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ مُجَلِّي وَالْجَوَابُ أَمَّا مَا ذُكِرَ مِنْ النَّقْلِ فَإِنَّ ابْنَ أَبِي الدَّمِ فَرَّقَ بَيْنَ مَسْأَلَتِنَا هَذِهِ وَبَيْنَ المسألة التى ذكرها المصنف في اختلاف المتبايعن مِنْ وَجْهَيْنِ

(أَحَدُهُمَا)

أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَمَّا رَدَّ الْمَبِيعَ بِالْعَيْبِ فَقَدْ فَسَخَ الْعَقْدَ بِاخْتِيَارِهِ فَارْتَفَعَ الْعَقْدُ قَوْلًا وَاحِدًا وَصَارَ كَأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يُوجَدْ وَلَا كَأَنَّهُ الْتَزَمَ ثَمَنَهُ لِأَنَّ الْعَقْدَ إنَّمَا انْعَقَدَ بَيْنَهُمَا عَلَى ظَنِّ الْمُشْتَرِي السَّلَامَةَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015