قال أبو حاتم: قد أخبر عمر بن الخطاب أنه لم يتهم أبا موسى في روايته، وطلب البينة منه على ما أراد تكذيبًا له، وإنما كان يشدد فيه لأن يعلم الناس أن الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد، فلا يجيء مِن بعدهم مَنْ يجترىء فيكذب عليه - صلى الله عليه وسلم - ويتقول عليه ما لم يقل حتى يدخل بذلك في سخط الله عز وجل.

وهذان أو من فتشا عن الرجال في الرواية، وبحثا عن النقل في الأخبار، ثم تبعهم الناس على ذلك.

والدليل على صحة ما تأولنا فعلهما ذلك ما:

حدثني محمد بن عبد الرحمن السامي، قال: حدثنا علي بن الجعد، قال: حدثنا شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول: كنا إذا أتينا زيد بن أرقم، فنقول: حدثنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول: إنا قد كبرنا ونسينا، والحديث عن سول الله - صلى الله عليه وسلم - شديد (?).

حدثنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل، قال: حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن حجير، عن طاووس، عن ابن عباس، قال: إنا كنا نحدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه (?)،

قال أبو حاتم: قد أخبر ابن عباس أن تركهم الرواية وتشديدهم فيها على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان منهم ذلك توقيًا للكذب عليه من بعدهم، لا أنهم كانوا متهمين في الرواية على ما ذكرنا قبل، ثم أخذ مسلكهم واستن بسنتهم واهتدى بهديهم فيما استنوا من التيقظ في الروايات جماعة من أهل المدينة من سادات التابعين منهم سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015