لأنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالى يُنْزِلُ الحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِه" (?).

وقال: "إن يَكونَ في هَذِهِ الأمَّةِ مُحَدَّثُونَ فَعُمَرُ مِنْهُمْ" (?).

فعمد عمر إلى الثقات المتقنين الذين شهدوا الوحي والتنزيل، فأنكر عليهم كثرة الرواية عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لئلا يجترىء من بعدهم ممن ليس في الإسلام محله كمحلهم فيكثروا الرواية فينزلوا فيها أو يتقول متعمدًا عليه -صلى الله عليه وسلم- لنوال الدنيا، وتبع عُمَرَ عليه عليُّ بن أبي طالب رضوان الله عليهما باستخلاف من يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- وإن كانوا ثقات مأمونين، ليعلم بهم توقي الكذب على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيرتدع من لا دين له عن الدخول في سخط الله عز وجل فيه، وقد كان عمر يطلب البينة من الصحابي على ما يرويه عن رسول -صلى الله عليه وسلم- مخافة الكذب عليه، لئلا يجيء مَنْ بعد الصحابة فيروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما يقله.

حدثني أبو يعلى، قال: حدثنا خلف بن هشام البزار, حدثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد الأنصاري، عن عبد الله بن أبي سلمة، أن أبا موسى استأذن على عمر ثلاث مرات، فلم يؤذن له فرجع، فبلغ ذلك عمر، فقال: ما ردك؟ فقال: إني سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إِذَا استَأذَنَ أَحَدُكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَمْ يُؤْذَن لَهُ فليَرْجِعْ" فقال: لتجيئن على هذا بينة وإلا - قال حماد [بن زيد] توعده، قال: فانصرف فدخل المسجد، فأتى مجلس الأنصار فقص عليهم القصة، ما قال لعمر، وما قال له عمر، فقالوا له: لا يقوم معك إلا أصغرنا، فقام معه أبو سعيد فشهد، فقال له عمر: إنا لا نتهمك، ولكن الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- شديد (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015