أنت دلو وذو السماح أبو مو ... سى قليب وأنت دلو القليب1

ومراده من ذلك أنه جعله سببا لعطاء المشار إليه كما أن الدلو سبب في امتياح الماء من القليب، ولم يبلغ هذا المعنى من الإغراب إلى حد يدندن أبو تمام حوله هذه الدندنة، ويلقيه في هذا المثال السخيف، على أنه لم يقنع بهذه السقطة القبيحة في شعره، بل أوردها في مواضع أخرى منه، فمن ذلك قوله:

ما زال يهذي بالمكارم والعلا ... حتى ظننا أنه محموم2

فإنه أراد أن يبالغ في ذكر الممدوح باللهج بالمكارم والعلا، فقال: "ما زال يهذي" وما أعلم ما كانت حاله عند نظم هذا البيت:

وعلى نحو منه جاء قول بعض المتأخرين:

ويلحقه عند المكارم هزة ... كما انتفض المجهود من أم ملدم3

وهذا وأمثاله لا يجوز استعماله، وإن كان المعنى المقصود به حسنا، وكم ممن يتأول معنى كريما فأساء في التعبير عنه حتى صار مذموما، كهذا وأمثاله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015