قال: فأخبرني عن بني1 المهلب، قال: هم أحلاس2 القتال بالليل، حماة السرح3 بالنهار.
قال: أيهم أفضل4 "قال: ذلك إلى أبيهم.
قال: لتقولن"5.
قال: هم كحلقة مضروبة لا يعرف طرفاها6.
فقال الحجاج لجلسائه: هذا والله هو الكلام الفصل الذي ليس بمصنوع6.
وقد ورد في الأخبار النبوية من هذا الضرب شيء كثير، وسأورد منه أمثلة يسيرة.
فمن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور متشابهات".
وهذا الحديث من أجمع الأحاديث للمعاني الكثيرة، وذاك أنه يشتمل على جل الأحكام الشرعية، فإن الحلال والحرام إما أن يكون الحكم فيهما بينا لا خلاف فيه بين العلماء؛ وإما أن يكون خافيا يتجاذبه وجوه التأويلات، فكل منهم يذهب فيه مذهبا.
وكذلك جاء قوله -صلى الله عليه وسلم: "الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
فإن هذا الحديث أيضا من جوامع الأحاديث للأحكام الشرعية.
ومن ذلك قوله -صلى الله عليه وسلم: "المضعف أمير الركب"، وقد ورد آخر هذا الحديث بلفظ آخر، فقال -صلى الله عليه وسلم: "سيروا بسير أضعفكم" إلا أن الأول أحسن؛ لأنه أبلغ