فإذا الأسنة خالطتها خلتها ... فيها خيال كواكبٍ في ماءٍ
فالبيتان الأخيران هما اللذان تضمنا تشبيه المركب بالمركب، وإنما جئنا بالبيت الأول سياقة إلى معناهما، وهو من التشبيه الذي أحسن فيه البحتري وأغرب.
ومن هذا الباب ما ورد لبعض الشعراء في وصف الخمر، فقال:
كانت سراج أناسٍ يهتدون بها ... في سالف الدهر قبل النار والنور
تهتز في الكأس من ضعفٍ ومن هرمٍ ... كأنها قبسٌ في كف مقرور
وقد يندر للناظم، أو الناثر شيء من كلامه يبلغ الغاية التي لا أمد فوقها، وهذان البيتان من هذا القبيل.
ومن أغرب ما سمعته في هذا الباب قول الحسين بن مطير1 يرثي معن بن زائدة:
فتىً عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا2
القسم الثالث: في تشبيه المفرد بالمركب:
فمما ورد منه قوله تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ} 3.
وكذلك قوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} 4.