تدار علينا الراح في عسجديةٍ ... حبتها بأنواع التصاوير فارس1
قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مهًا ثورتها بالعشي الفوارس2
فللراح ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس3
وقد أكثر العلماء من وصف هذا المعنى، وقولهم فيه: إنه معنى مبتدع.
ويحكى عن الجاحظ4 أنه قال: ما زال الشعراء يتناقلون المعنى قديمًا وحديثًا إلا هذا المعنى، فإن أبا نواس انفرد بإبداعه!
ولا أعلم أنا ما أقول لهما5 ولا بي سوى أن أقول: قد تجاوز بهم حد الإكثار، ومن الأمثال السائر: بدون هذا يباع الحمار!
وفصاحة هذا الشعر عندي هي الموصوفة، لا هذا المعنى، فإنه لا كبير كلفة فيه؛ لأن أبا نواس رأى كأسًا من الذهب ذات تصاوير فحكاها في شعره.
والذي عندي في هذا أنه من المعاني المشاهدة، فإن هذه الخمر لم تحمل إلا ماءً يسيرًا، وكانت تستغرق صور هذا الكأس إلى مكان جيوبها، وكان الماء فيها قليلًا بقدر القلانس التي على رءوسها، وهذا حكاية حال مشاهدة بالبصر.