وقد ورد للعرب شيء من ذلك إلّا أنَّه قليل، فممَّا جاء منه قول بعضهم في أبيات الحماسة1:
إنَّ التي زعمت فؤادك ملها ... خلُقِتَ هواك كما خلقت هوىً لها
بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلباقةٍ فأدقها وأجلَّها
حجبت تحيَّتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا وأقلَّها
وإذا وجدت لها وساوس سلوةٍ ... شفع الضمير إلى الفؤاد فسلَّها
وهذا من اللطافة على ما يشهد لنفسه.
ومما يجري هذا المجرى قول حجر بن حيَّة العبسي من شعراء الحماسة أيضًا2:
ولا أدوم قدري بعدما نضجت ... بخلًا فتمنع ما فيها أثافيها3
حتى تُقَسَّمَ شتَّى بين ما وسعت ... ولا يؤنّب تحت الليل عافيها4
ومما ورد من ذلك أيضًا قول طرفة بن العبد البكري:
ألم تر أن المال يكسب أهله ... فضوحًا إذا لم يعط منه نواسبه
أرى كل مالٍ لا محالة ذاهبًا ... وأفضله ما ورَّث الحمد كاسبه
وكذلك قول الفرزدق:
وغيَّر لون راحلتي ولوني ... تردِّي الهواجر واعتمامي
أقول لها إذا ضجرت وغصَّت ... بموركة الوراك مع الزمام
علام تلفتين وأنت تحتي ... وخير الناس كلهم أمامي