فِيهِ أَبُو هُرَيْرَة: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- لم يَأْذَن الله لشَيْء مَا أذن لنبيّ أَن يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ. وَقَالَ صَاحب لَهُ: يُرِيد يجْهر بِهِ.
وَقَالَ مرّة: مَا أذن لنبيَ أَن يتَغَنَّى بِالْقُرْآنِ.
قَالَ سُفْيَان: تَفْسِيره يسْتَغْنى بِهِ.
وَذكر فِي كتاب الِاعْتِصَام حَدِيث أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]- قَالَ: لَيْسَ منا من لم يتغنّ بِالْقُرْآنِ.
وَزَاد غَيره: يجْهر بِهِ. ذكره فِي بَاب قَوْله تَعَالَى: {وأسروا قَوْلكُم أَو أجهروا بِهِ} . [الْمَائِدَة: 13] .
قلت: رَضِي الله عَنْك! يفهم من تَرْجَمَة البُخَارِيّ أَن يحمل التغنى على الِاسْتِغْنَاء لَا على الْغناء بِكَوْنِهِ أتبع الحَدِيث بِالْآيَةِ. ومضمونها الْإِنْكَار على من لم يسْتَغْن بِالْقُرْآنِ عَن غَيره من الْكتب السالفة وَمن المعجزات الَّتِي كَانُوا يقترحونها، وَهُوَ مُوَافق لتأويل ابْن عُيَيْنَة. وَلَكِن ابْن عُيَيْنَة حمله على الِاسْتِغْنَاء الَّذِي هُوَ ضد الْفقر. وَالْبُخَارِيّ يحملهُ على الِاسْتِغْنَاء الَّذِي هُوَ أعمّ من هَذَا، وَهُوَ الِاكْتِفَاء.