قلت: رَضِي الله عَنْك {ترْجم على نزُول السكينَة وَالْمَلَائِكَة، وَلم يذكر فِي هَذَا الحَدِيث إِلَّا الْمَلَائِكَة، لَكِن فِي حَدِيث الْبَراء فِي سُورَة الْكَهْف تِلْكَ السكينَة نزلت. فلمّا أخبر عَن نُزُولهَا عِنْد سَماع الْقُرْآن، نبّه البُخَارِيّ [على] تلازمهما، وَفهم من الظلّة أَنَّهَا السكينَة. فَلهَذَا سَاقهَا فِي التَّرْجَمَة. وَالله أعلم.
فِيهِ أَبُو مُوسَى: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-: مثل الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الأترجة طعمها طيب وريحها طيّب. وَالَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كالتمرة طعمها طيب وَلَا ريح لَهَا. وَمثل الْفَاجِر الَّذِي يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الريحانة رِيحهَا طيّب وطعمها مرّ. وَمثل الْفَاجِر الَّذِي لَا يقْرَأ الْقُرْآن كَمثل الْحِنْطَة طعمها مرّ وَلَا ريح لَهَا.
وَفِيه عمر: قَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-: إِنَّمَا أجلكم فِيمَا خلا من الْأُمَم، كَمَا بَين صَلَاة الْعَصْر ومغرب الشَّمْس. ومثلكم وَمثل الْيَهُود وَالنَّصَارَى كَمثل رجل اسْتعْمل عمّالاً، فَقَالَ: من يعْمل لي من نصف النَّهَار إِلَى الْعَصْر على قِيرَاط. فَعمِلت النَّصَارَى. ثمَّ أَنْتُم تَعْمَلُونَ من الْعَصْر إِلَى الْمغرب بقيراطين قيراطين. قَالُوا - الْيَهُود -: نَحن أَكثر عملا وأقلّ عَطاء. قَالَ: هَل ظلمتكم من حقكم؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَذَلِك فضلي أوتيه من أَشَاء.
قلت: رضى الله عَنْك} وَجه مُطَابقَة الْحَدِيثين للتَّرْجَمَة أَنه وصف حَامِل الْقُرْآن وَالْعَامِل بالكمال، وَهُوَ اجْتِمَاع المنظر والمخبر. وَلم يثبت هَذَا الْكَمَال لحامل غَيره من الْكتب، فَكيف بالْكلَام.