الدّغنة: إِنَّا كُنَّا أجرنا أَبَا بكر أَن يعبد ربّه فِي دَاره. وَفعل كَذَا، فَإِن أحب أَن يعبد ربّه فِي دَاره فعل وَإِن أَبى فَاسْأَلْهُ أَن يرد إِلَيْك ذِمَّتك، فَإنَّا كرهنا أَن نحفرك ولسنا مقرين الاستعلان. فَأَتَاهُ ابْن الدّغنة فَقَالَ: قد علمت الَّذِي عقدت لَك. فإمّا أَن تقتصر عَلَيْهِ وإمّا علىّ ذِمَّتِي. فإنّي لَا أحبّ أَن تسمع الْعَرَب أَنِّي أخفرت فِي رجل عقدت لَهُ.
قَالَ أَبُو بكر: فَإِن أردّ إِلَيْك جوارك وأرضى بجوار الله وَالنَّبِيّ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] يَوْمئِذٍ بِمَكَّة - فَقَالَ النَّبِي -[صلى الله عَلَيْهِ وَسلم]-: قد أريت دَار هجرتكم. فَهَاجَرَ من هَاجر قبل الْمَدِينَة. وَرجع إِلَى الْمَدِينَة بعض من كَانَ هَاجر إِلَى أَرض الْحَبَشَة. وتجهّز أَبُو بكر مُهَاجرا فَقَالَ. النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] : على رسلك. فإنى أَرْجُو أَن يُؤذن لي. فحبس أَبُو بكر نَفسه على النَّبِي [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وعلف راحلتين كَانَتَا عِنْده أَرْبَعَة أشهر.
قلت: رَضِي الله عَنْك! أَدخل هَذَا الْبَاب فِي الْكفَالَة وَيَنْبَغِي أَن يُنَاسب كَفَالَة الْأَبدَان، كَمَا ناسب: {وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم} كَفَالَة الْأَمْوَال. وَوجه الْمُنَاسبَة أَن المجير كَانَ يكفل للمجار أَن لَا يضام من جِهَة من أجاره مِنْهُم وَضمن لمن أجاره عَمَّن أجاره مِنْهُ أَن لَا يُؤْذِيه فَتكون الْعهْدَة عَلَيْهِ. وَالله أعلم.