وَدَلِيلُ الْوَصْفِ أَنَّهُ لَوْ وَطِئَهَا، وَقَالَ: عَلِمْتُ أَنَّهَا عَلَيَّ حَرَامٌ يَلْزَمُهُ الْحَدُّ، وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سَنَتَيْنِ حَتَّى عَلِمَ أَنَّ الْعُلُوقَ كَانَ فِي الْعِدَّةِ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَلَوْ بَقِيَتْ بَيْنَهُمَا عَلَاقَةٌ مِنْ عَلَائِقِ النِّكَاحِ لَسَقَطَ بِهِ الْحَدُّ وَثَبَتَ النَّسَبُ وَالْعِدَّةُ الْوَاجِبَةُ إثْرَ مَاءٍ مُحْتَرَمٍ؛ لِأَنَّهَا مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ حَتَّى لَا يَجِبَ بِدُونِ تَوَهُّمِ الدُّخُولِ وَمَا كَانَ مِنْ الْعِدَّةِ لِحَقِّ النِّكَاحِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ تَوَهُّمُ الدُّخُولِ كَعِدَّةِ الْوَفَاةِ، وَإِذَا ثَبَتَ الْوَصْفُ فَتَأْثِيرُهُ أَنَّ الْمُحَرَّمَ هُوَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا نِكَاحًا فَلَا يَصِيرُ جَامِعًا بِهَذَا حَتَّى لَمْ يَبْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأُولَى عُلْقَةٌ مِنْ عَلَائِقِ النِّكَاحِ، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا التَّحْرِيمِ صِيَانَةُ الرَّحِمِ عَنْ الْقَطِيعَةِ الَّتِي تَكُونُ بِسَبَبِ الْمُنَازَعَةِ بَيْنَهُمَا فِي الْقَسْمِ، وَذَلِكَ لَا يَتَحَقَّقُ بَعْدَ الْخُلْعِ وَالتَّطْلِيقَاتِ الثَّلَاثَةِ.
(وَلَنَا) أَنَّ هَذِهِ مُعْتَدَّةٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ بِأُخْتِهَا كَالْعِدَّةِ مِنْ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، وَهَذَا لِأَنَّ الْعِدَّةَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَا تَجِبُ بِدُونِ النِّكَاحِ أَوْ شُبْهَةِ النِّكَاحِ، وَلَا مَعْنَى لِمَا قَالَ: إنَّ وُجُوبَهَا بِمَاءٍ مُحْتَرَمٍ؛ لِأَنَّهُ إنْ اعْتَبَرَ أَصْلَ الْمَاءِ فَهُوَ مَوْجُودٌ فِي الزَّانِيَةِ، وَلَا عِدَّةَ، وَإِنْ اعْتَبَرَ الْمَاءَ الْمُحْتَرَمَ فَاحْتِرَامُ الْمَاءِ يَكُونُ بِالنِّكَاحِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ الْعِدَّةَ تَخْتَلِفُ بِالرِّقِّ وَالْحُرِّيَّةِ، وَاشْتِغَالُ الرَّحِمِ بِالْمَاءِ لَا يَخْتَلِفُ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُ مِلْكُ النِّكَاحِ لِتَفَاوُتٍ بَيْنَهُمَا فِي الْحِلِّ الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ النِّكَاحُ فَعَرَفْنَا أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ، وَلَكِنَّ حَقَّ النِّكَاحِ بَعْدَ ارْتِفَاعِهِ إنَّمَا يَبْقَى إذَا كَانَ النِّكَاحُ مُتَأَكِّدًا وَتَأَكُّدُهُ بِالْمَوْتِ أَوْ بِالدُّخُولِ، وَلِهَذَا لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ عَلَى الْمُطَلَّقَةِ قَبْلَ الدُّخُولِ، وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ النِّكَاحِ فَالْحَقُّ يَعْمَلُ عَمَلَ الْحَقِيقَةِ فِي إثْبَاتِ الْحُرْمَةِ كَمَا أَنَّ حَقَّ مِلْكِ الْيَمِينِ لِلْمُكَاتَبِ كَحَقِيقَةِ مِلْكِ الْيَمِينِ لِلْحُرِّ فِي الْمَنْعِ مِنْ نِكَاحِ أَمَتِهِ وَكَمَا أَنَّ الرَّضَاعَ فِي التَّحْرِيمِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ النَّسَبِ؛ لِأَنَّهُ فِي الْبَعْضِيَّةِ بِمَنْزِلَةِ الْحَقِّ مِنْ الْحَقِيقَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّ فِي جَانِبِهَا جُعِلَ الْحَقُّ كَالْحَقِيقَةِ فِي حَقِّ الْمَنْعِ مِنْ التَّزَوُّجِ، فَكَذَلِكَ فِي جَانِبِهِ وَنَحْنُ نُسَلِّمُ ارْتِفَاعَ مِلْكِ النِّكَاحِ بِجَمِيعِ عَلَائِقِهِ إنَّمَا نَدَّعِي بَقَاءَ الْحَقِّ، وَهَذَا الْحُكْمُ عِنْدَنَا يَثْبُتُ بِدُونِ مِلْكِ النِّكَاحِ فَإِنَّ بِالنِّكَاحِ الْفَاسِدِ أَصْلَ الْمِلْكِ لَا يَثْبُتُ، ثُمَّ يَكُونُ مَمْنُوعًا مِنْ نِكَاحِ أُخْتِهَا وَكَمَا يَلْزَمُهُ الْحَدُّ إذَا وَطِئَهَا يَلْزَمُهَا الْحَدُّ إذَا مَكَّنَتْ نَفْسَهَا مِنْهُ، وَلَا يَدُلُّ ذَلِكَ عَلَى زَوَالِ الْمَنْعِ مِنْ جَانِبِهَا، فَكَذَلِكَ مِنْ جَانِبِهِ وَكَمَا لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أُخْتَهَا فِي عِدَّتِهَا، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَحَدًا مِنْ مَحَارِمِهَا؛ لِأَنَّهُمَا فِي مَعْنَى الْأُخْتَيْنِ فِي حُرْمَةِ الْجَمْعِ بَيْنَهَا وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ أَرْبَعًا سِوَاهَا فِي عِدَّتِهَا؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْخَمْسِ حَرَامٌ بِالنِّكَاحِ بِمَنْزِلَةِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ
(قَالَ): وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ