وقوله:

. . . . . . ... . . . . . . وفيَهَا لَهُ مُسْلِي

أي: يسلو بنفسه عن غيرها لفضل شرفه وشرفها؛ أي: إذا سلم لنفسه وسلمت نفسه له ففي ذينك مغن ومسل له عن كل واحد.

وقوله: الطويل

نُبَكِّي لِمَوْتانَا على غيرِ رَغْبةٍ ... تَفُوتُ من الدُّنْيَا ولا مَوْهبٍ جَزْلِ

إذا ما تأمَّلْتَ الزَّمانَ وصَرْفَهُ ... تَيَقَّنْتَ أنَّ الموتَ ضَرْبٌ من القَتْلِ

أقول: لم يذكر تعلق ما بين البيتين وهو كأنه يقول: نُبكي لموتانا محبة للبقاء ورغبة في الحياة، وليس يفوتهم بذلك من الدنيا رغبة ولا عطاء كثير، وذلك غير صواب منا لأنك إذا نظرت إلى الزمان، الذي هو قوام الدنيا، وجدت صرفه يقتل الناس بالموت. فهل يسوغ لعاقل أن يحب الدنيا أو يرغب فيها وهي على هذه الصفة عدوة له، تقتله بالموت؟ ثم قال بعد ذلك: الطويل

هَلِ الوَلدُ المحبُوب إلاَّ تَعِلَّةٌ ... وهَلْ خَلْوَةُ الحَسْنَاءِ إلاَّ أذَى البَعْلِ

أي: هذه من المواهب التي ليست بجزلة، وذلك أن شهوة الولد مرض وعلة، ووجوده تعلة؛ أي: تعليل لذلك المرض، فهو وان كان فيه لذة فغبه آلام. وكذلك يقال في خلوة الحسناء، وهي كناية عن جماعها، إنه أذى بما يصحبه من نهك القوة وضعف الجسم، أو بما يُعقبه من الولادة، والتعب بها، والكلفة لها!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015