قال: هذا استفهام معناه الإنكار. يقول: الريح لا تهب سهلة ساكنة بأذني، وكذا الغمام لا يسري على مشيئتي؛ يريد بالريح والغمام الممدوح في سرعته في العطاء وجوده.

يقول: إن الذي يفعله لا يفعله بأذني أو بمشيئتي إنما يفعله طبعا طُبع عليه.

وأقول: الجيد في هذا، لو قال: إنه لما رأى أفعال الممدوح جارية على اقتراحه، موافقة لأغراضه، شبهه بالريح ساكنة سهلة للين أخلاقه، وبالغمام لكثرة عطائه فقال مُتشككا: أعن أذني تهب الريح، وعن مشيئتي يسري الغمام، أي: يهدي إلي العطاء، أم ليس كذلك؟ ثم أنكر هذه الحالة التي لو أثبتها لكانت غاية في المدح إلى ما هو أعلى منها، مستدركا بقوله في البيت التالي: الوافر

ولكنَّ الغَمَامَ له طِبَاعٌ ... تَبَجُّسُهُ بهَا وكَذَا الكِرامُ

يقول: إنه يفعل الجود طبعا كالغمام لا كما بدا لي وخطر ببالي.

وقوله: المنسرح

بِضَرْبِ هَامِ الكُمَاةِ تَمَّ لَهُ ... كَسْبُ الذينَ يَكْسِبونَ بالمَلَقِ

قال: يريد أن كل أحد يحبه لشجاعته كما يُحب من يتملق إلى الناس، ويلين لهم ويتودد إليهم، فتم له بضرب الهام ما يكسبه بالتملق.

أقول: كأنه يقول: يقتل الكماة وهم يحبونه. وهذا الذي ذكره ليس بشيء!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015