قال: الإيراق مصدر قولهم أورق الصائد إذا لم يصد شيئا، وأورق الغازي إذا لم يغنم. والناس يحملون هذا البيت على الأفعال من الأرق، فكان ابن جني يقول في تفسير هذا البيت: هي تطلب باسهارها إيانا الغاية طلب الأمير بإنالته النهاية فكأنها تكاثره نوالا؛ لكن نوالها الأرق ونواله الورق!
فإن كان أبو الطيب أراد بالإيراق هذا، فقد أخطأ؛ لأنه لا يبنى الأفعال من الأرق، وإنما يقال: أرق يأرق أرقا، وأرقه تأريقا. والأولى أن يُحمل الإيراق على منع الوصل والتخييب منه، يقول: هي في منعها وصلها في النهاية، كما إن الأمير في بذله نائله قد بلغ الغاية، فكأنها تُكاثر عطاءه بمنعها.
وأقول: قد طوّل في شرح هذا البيت أقصى غاية التطويل وقصّر أقصى غاية التقصير! والصحيح ما ذكره ابن جني، ولم يخطئ المتنبي، والإيراق هاهنا فيعال، لا أفعال كما ذكر، وذلك مثل: القيتال: مصدر قاتل، من المفاعلة. وكذلك آرق إيراقا. قال تأبط شرا: البسيط
يا عيدُ مَالَكَ من شَوْقٍ وإيَراقِ ... . . . . . .
وهذا من الأرق لا من إيراق الصائد!