وهو في موضع الحال.
يقول: تركت اقتضاب الشعر مادحا لك لأمر أنا به معذور، وهو أن سجاياك مادحة لك لا شعري، وجود لك يغير على كلامي، أي: يأخذه ويستغرقه ويستنفده؛ لأنه أكثر وأقوى منه، فجعله بمنزلة الجيش الذي يغير على ما دونه فيأخذه فقد اعتذر بأمرين:
أحدهما: أن سجايا الممدوح، أي: خلاله العظيمة الكريمة، تمدحه لشهرتها، فشعر أبي الطيب غير شيء بالإضافة إليها. والثاني: أن جوده أكثر من شعره فقد غلبه وملكه وأهلكه، وقد فسره هو بهذا التفسير إلا إنه لم ينتبه له إنه عذر!
وقوله: الطويل
فإنَّ نَهَاري ليلةٌ مُدْلَهِمَّةٌ ... على مُقْلَةٍ من فَقْدِكُمْ في غَيَاهِبِ
قال: إنما جعل النهار ليلا، إشارة إلى إنه لا يهتدي إلى شيء من مصالحه، أو إلى أن جفونا فُتحت على وجوههن، مختومة لا تُفتح على غيرها، وإذا انطبقت الجفون فالنهار ليل كقوله: الوافر
ولو أنِّي استَطَعْتُ خَتَمْتُ طَرْفي ... فَلَمْ أُبْصِرْ به حَتَّى أرَاكَا