قال: إنما قلت ذلك لأنه لا يجدي الجزع للفراق والامتناع منه شيئا، وأقسم على ذلك فقال: والله لقد علمنا إننا سنطيعه، واستدللنا على ذلك بالموت المفرق بين الأخلاء والأحباء، وذلك لا يمكن الإباء له والعصيان عليه فعلمنا بوجوب فراق الأرواح أفادنا علمنا بطاعة فراق الأجسام وسهله علينا.

وقوله: الخفيف

وأطَاعَتْهُمُ الجُيوشُ وهِيبُوا ... فَكَلامُ العِدَا لَهُمْ كالنُّحازِ

قال: قال ابن فورجة: أي لم يعبئوا بكلام أحد لما صاروا إلى هذه الحال.

وأجود من هذا أن يقال: السعال يرقق الصوت. والمعنى: لهيبتهم كانوا لا يرفعون الصوت بين أيديهم

فيقال له: أما الوجه الذي ذكرته عن ابن فورجة فإنما هو لابن جني قلبه!

وأما قولك: إن السعال يرقق الصوت فهو بخلاف المعلوم بل يجفي الصوت،

والمراد أنهم كانوا لعظم هيبتهم إذا كلمهم الناس خافوهم فضغط الخوف النفس وقطع الصوت فلا تتبين الحروف فيكون كلامهم كالسعال لا يفهم منه معنى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015