وقوله: الطويل
ويَصْطَنِعُ المَعْروفَ مبتدئاً بهِ ... ويَمْنَعُهُ مِن كُلِّ من ذَمُّهُ حَمْدُ
قال: يصفه بالتيقظ، ومعرفة ما يأتي وما يدع. يقول: يمنع معروفه من كل ساقط، إذا ذمّ أحدا فقد مدحه، لأنه يُنبئ عن بُعد ما بينهما. يعني إنه يُعطي المستحقين وذوي القدر ويبدأهم بالإحسان قبل أن يسألوه.
وأقول: هذا الذي ذكره قول ابن جني؛ نقله فجعل المصدر مضافا إلى ضمير الفاعل، والمفعول محذوف لقوله: إذا ذم أحدا فقد مدحه لأنه ينبئ عن بُعد ما بينهما. وليس الأمر كذلك وهذا لا يعطي معنى صالحا، وإنما المصدر مضاف إلى ضمير المفعول والفاعل محذوف كقولك: يعجبني من زيد ضربه، أي: ضربك إياه، أي: أن ضربته. فيكون على هذا المعنى: إنه يصطنع المعروف ابتداء إلى الأفاضل، ويمنعه الأراذل الذين إذا ذممت أحدهم تنزّل ذمه منزلة الحمد، أما لأنه مستحق لذلك، أو لجهله ولؤمه يتساوى الأمران عنده فلا يفرق بينهما.