وقوله: الطويل

ويَصْطَنِعُ المَعْروفَ مبتدئاً بهِ ... ويَمْنَعُهُ مِن كُلِّ من ذَمُّهُ حَمْدُ

قال: يصفه بالتيقظ، ومعرفة ما يأتي وما يدع. يقول: يمنع معروفه من كل ساقط، إذا ذمّ أحدا فقد مدحه، لأنه يُنبئ عن بُعد ما بينهما. يعني إنه يُعطي المستحقين وذوي القدر ويبدأهم بالإحسان قبل أن يسألوه.

وأقول: هذا الذي ذكره قول ابن جني؛ نقله فجعل المصدر مضافا إلى ضمير الفاعل، والمفعول محذوف لقوله: إذا ذم أحدا فقد مدحه لأنه ينبئ عن بُعد ما بينهما. وليس الأمر كذلك وهذا لا يعطي معنى صالحا، وإنما المصدر مضاف إلى ضمير المفعول والفاعل محذوف كقولك: يعجبني من زيد ضربه، أي: ضربك إياه، أي: أن ضربته. فيكون على هذا المعنى: إنه يصطنع المعروف ابتداء إلى الأفاضل، ويمنعه الأراذل الذين إذا ذممت أحدهم تنزّل ذمه منزلة الحمد، أما لأنه مستحق لذلك، أو لجهله ولؤمه يتساوى الأمران عنده فلا يفرق بينهما.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015