الوَاهِبُ المئةَ الأبكارَ زَيَّنَها ... سَعدانُ تُوضِحَ في أوبارِهَا اللِّبَدِ
والسَّاحباتِ ذُيولَ الرِّيْط فَنَّقَهَ ... بَرْدُ الهَوَاجِر كالغِزْلانِ في الجَرَدِ
وقوله: البسيط
خَلائِقٌ لو حَوَاهَا الزَّنْجُ لانْقَلَبُوا ... ظُمْيَ الشِّفَاهِ جِعَادَ الشَّعْرِ غُرَّانَا
قال: يريد بالخلائق الخلق، جمع الخليقة، وهي الخلق، وليس يريد السجايا لأن السجايا الحسان قد تكون في الصورة القبيحة، والزنج لا يجتمع فيهم بياض الوجه مع جعودة الشعر ورقة الشفاه؛ لان شفاههم غليظة وهو سود الألوان.
ومعنى: ظمى الشفاه: رقاق الشفاه كأنها لم ترو فتغلظ.
والمعنى: لو أن خلقهم للزنج لحسنوا مع جعودة شعرهم فكانوا احسن خلق الله، وهذا معنى قد ذكرناه؛ إلا أن الخليقة بمعنى الخلقة لا يصح، وإذا حملنا الخلائق على السجايا فسد معنى البيت لأن الخلقة لا تتغير بالسجية.
فيقال له: أن الخليقة بمعنى الخلقة لا يصح كما ذكرته وقدرته. ويصح أن تُحمل الخلائق على السجايا ولا يفسد المعنى، وهو الذي أراده أبو الطيب، وذلك على وجه المبالغة؛ يقول: إن خلائقهم لو حواها الزنج الذين يوصفون بالقبح لوصفوا بالحسن، واستجمعوا هذه الأشياء المتضادة فجعل خلائقهم تؤثر في الخلقة، حتى تجعل القبيح الصورة حسنا، فالمعنى على هذا صحيح غير فاسد.