وأقول: ليس للاستئذان في الدخول عليه ذكر ولا وجه! وإنما يصفه بكثرة الجود والسخاء. يقول: إنه للمحتاج مال يأخذه ويملكه من غير ابتدائه بسؤال كما قد عُلم ذلك من ماله. وهذا المعنى مطروق، كثير، منه قول مسلم: البسيط

يَجُودُ بالنَّفْسِ إنْ ضَنَّ الجَوادُ بِهَا ... والجُودُ بالنَّفْس أقْصَى غَايةِ الجُودِ

وقوله: المنسرح

هَانَ على قلبهِ الزَّمَان فَمَا ... يَبِينُ فيه غَمٌّ ولا جَذَلُ

قال: هذه صفة الكامل العقل، الذي يستخف بالنوائب والحوادث؛ لعلمه إنها لا تُبقي لا الغم ولا السرور فلا يُتبين لهما فيه اثر، فلا يبطر عند السرور، ولا يجزع عند ما يُحزنه.

وأقول: إنه لم يجد العبارة مع التطويل! وأجود منها أن لو قال: هذا الممدوح علم بأحوال الدهر وتغيرها فهان عليه أمرها فلا يبين به في الشدة غم ولا في الرخاء سرور، وهذا كقول أمير المؤمنين - عليه السلام -: الزهد كله في كلمتين من القرآن وهما قوله تعالى: (لِكَيْلا تأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ (؛ لأنه من لم يأس على الماضي ولم يفرح بآلاتي فقد أخذ الزهد بطرفيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015