الأول، وما ذكره أبو الطيب في البيت الثاني وهو قوله: الطويل
وقد صَارَتِ الأجْفَانُ قُرْحاً من البُكا ... وصَارَ بَهَاراً في الخُدودِ الشَّقائقُ
وذلك إنه في موضع الحال معطوف على الأول، مقسم مرتب عليه، بصيرورة الأجفان قرحا من جانب المشوق، وهو العاشق، وصيرورة الشقائق بهاراً من
جانب الشائق وهو المعشوق، فزيادة البث إنما بزيادة البيت الثاني بما تضمنه وعطفه على الأول لا بانفراده. فتأمل إحكام هذه الصناعة، وإتقان هذه الصياغة!
وقوله: الطويل
طوالُ الرُّدَيْنِيَّاتِ يَقْصِفُهَا دَمِي ... وبِيضُ السُّرَيْجِيَّات يَقْطَعُهَا لحْمي
قال: يقول: الرماح تنقصف قبل الوصول إلى إراقة دمي، والسيوف تنقطع قبل قطع لحمي، فجعل دمه يقصفها لما كان السبب في قصفها وكذلك لحمه.
وأقول: هذا ليس بشيء! وإنما يريد أن الشيء الصُلب الذي من شأنه أن يؤثر في اللين، قد انعكس بالإضافة إليّ، فجعل دمه يؤثر في الرماح القصف، ولحمه يؤثر في السيوف القطع على طريق المبالغة كقول ذي الرمة: الطويل
ورَمْلٍ كأوْرَاكِ العَذَارَى قَطَعْتُهُ ... . . . . . .