وبلاها كما يصح ذلك في العاشق، كما قال الملقب بالببغاء: البسيط
لم يَبْقَ لي رَمَقٌ أشكُو إليك بهِ ... وإنما يَتَشَكَّى من به رَمَقُ
وأيضا: فلو كان على ما ادعى ما كان لعطف هذه الجملة على قوله:
ما الشَّوق مُقْتَنِعاً مِنَّي ... . . . . . .
معنى، ولما عطفها عليها دل على إنها منها بسبيل، وإنما يعني: ما الشوق مُقتنعا مني بذا الكمد، ولا الديار تقنع مني وتم الكلام عند قوله:
. . . . . . كان الحَبيبُ بها ... . . . . . .
ثم ابتدأ فقال: هذه الديار تشكو إلي وحشتها بفراق أهلها، وأنا لا أشكو إلى أحد: أما لجلدي، أو لأني كتوم لأسراري، ويكون قد نظر إلى قول القائل: الوافر
فإنِّي مثلُ ما تَجدِينَ وَجْدي ... ولكنِّي أُسِرُّ وتُعْلِنينَا
وأقول: الأولى ما قال ابن جني وليس بمخطئ؛ وذلك إن الديار توصف بالنحول والصمم والخرس؛ قال: الرجز
مَنْزِلةٌ صَمَّ صَدَاهَا وعَفَتْ ... أرْسُمُهَا إنْ سُئِلَتْ لم تُجِبِ