وقوله: البسيط

أحْيَيْتَ للشُّعَراءِ الشِّعْرَ فامْتَدَحُوا ... جَميعَ من مَدَحُوه بالذي فيكَا

قال: يقول: أحييت لهم الشعر بما أريتهم من دقائق الكرم، وعلمتهم من غوامض المعاني، حتى استغنوا عن استخراجها بالفكر، فسهل عليهم الشعر حتى كأنه صار حيا بعد أن كان ميتاً، ثم امتدحوا ممدوحهم بما فيك من خصال المجد ومعاني الشرف، وهي لك غير أنهم ينحلونها ممدوحيهم.

وأقول: إن موت الشعر إنما هو بموت الكرام وحياته بحياتهم، أي: كان الشعر قبل وجودك ميتاً؛ فلما وجدت ورأى الشعراء ما فيك من الخلال الحميدة، والأفعال الجميلة، فكأنك أحييته لهم وسهلته عليهم فاخذوا ما فيك فمدحوا به غيرك. وهذا

مثل قوله: الكامل

من يَهْتَدي في الفِعْلِ مالا تَهْتَدي ... في القَوْلِ حَتى يَفْعَل الشُّعَراءُ

والبيت الذي بعده يشهد بما قلته وهو قوله: البسيط

وعَلَّمُوا النَّاسَ منكَ المجدَ واقْتَدَرُوا ... على دَقيقِ المعَاني من مَعَانيكا

ومثله قول أبي العتاهية: الخفيف

شِيَمٌ فَتَّحَتْ من المَجْدِ ما قَدْ ... كانَ مُسْتَغْلِقاً على المُدَّاحِ

وقول احمد بن أبي فنن: الطويل

يُعَلِّمُنَا الفتح المَدِيحَ بجُودِهِ ... ويُحسِنُ حتى يُحْسِنَ القَوْلَ قَائِلُهْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015