فيقال: أما استشهاده بالبيت على ما ذكر، فحسن ليس فيه طعن. وأما قوله: يريد إنه وهب له نفسه، فيريد إنه كان في جهد من العيش، وعلى شفاً من الفقر فأنقذه بعطائه وحبائه، فقوله غير فاسد بما فسَّرته وألزمته وذهبت به عن غير وجهه لتوجه عليه الأخذ، بل هو مطابق لما رأيته من حيث لا تعلم.

وقوله: المنسرح

يا ليتَ بي ضَرْبةً أُتيحَ لها ... كما أُتِيحَتْ له مُحَمَّدُهَا

قال: كان هذا العلوي قد أصابته في بعض حروبه ضربة على وجهه، فقال: ليت الضربة التي قُدَّر لها مُحمَّدها - يعني الممدوح - كما قُدرت له، كانت بي؛ أي: ليتني فديته من تلك الضربة، فوقعت بي دونه. ويجوز أن يكون الممدوح أتاح

وجهه للضربة حين ثبت في الحرب فجُرح فتمنى المتنبي رتبته في الشجاعة، وأضاف محمداً إلى الضربة إشارة إلى أنها كسته الحمد فأكثرت حتى صار محمداً بها.

فيقال له: الوجه الأول الذي اعتمدت عليه، بتقديمك له، فاسد لأنه لا يسوغ له أن يفديه من ضربة كسته حمداً على قولك، ولم تؤثر فيه بل أثر فيها. فهذا التمني بمعنى الدعاء على الممدوح على هذا الوجه. والوجه الصحيح هو الثاني، وهو إنه تمنى رتبته في الحال التي قُدرت له من الشجاعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015