وقوله: الوافر

شديدُ البُعْدِ من شُرْبِ الشَّمولِ ... تُرُنْجُ الهِنْدِ أو طَلْعُ النَّخِيلِ

قال: رفع ترنج الهند بالابتداء، كأنه قال: بين يديك، أو في مجلسك ترنج الهند؛ لأنه حذف من الأول المبتدأ، ومن الثاني الخبر؛ لأنه مشاهد. فدلت الحال على ما أضمره؛ كما تقول إذا رأيت رجلا سدد سهما إلى القرطاس، فسمعت صوته: القرطاس والله! أي: أصاب القرطاس.

قال: فان قيل: وما في أخباره عما في مجلسه، وهو بحضرته، من الفائدة؟ وهل كان يشك في ذلك فيجوز الإخبار عنه؟

قيل: إنما جاز ذلك لأنه ثناء عليه.

فيقول له: أنت شديد البعد من شرب الشمول، وإن كان بين يديك ما يحضر، في أكثر الأوقات، للشرب. فأثنى عليه ونفى عنه الظنة.

وأقول: إن تقديره حذف المبتدأ من النصف الأول وهو أنت صواب، وتقديره حذف الخبر من النصف الثاني، وهو بين يديك أو في مجلسك، خطأ لأن التقدير الأول مفيد، والثاني غير مفيد. والصواب أن يقدر الخبر المحذوف: ما تصنع به؟ أو: ما حاجتك إليه؟ كأنه قال: أنت شديد البعد من شرب الشمول، ترنج الهند، أو طلع النخيل، ما تصنع به،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015