قال: الأليق في صناعة الشعر أن يقول: لو كان وصلك مثله ما هجرت، ولكن الضرورة حملته على هذا، وهو جائز.
وأقول: الأليق ما ذكره أبو الطيب، وأبلغ في المعنى، وأدخل في الصنعة. وذلك إنه استسقى لطولها سحابا دائما في قوله: لو كان وصلك الذي ذهب، وسألتك رده مثله ما أقشع؛ أي: ما انكشف. فقوله: ما أقشع، بمعنى: ما هجرت لأن الانقشاع
من صفة السحاب. فإذا جعله مثله، وصفه بوصفه فكان مناسبا للسحاب.
وقوله: الكامل
النَّومُ بعد أبي شُجَاعٍ نافِرٌ ... واللَّيلُ مُعْيٍ والكواكبُ ظلَّعُ
قال: ضرب هذا مثلا؛ أي: لو كان الليل، والكواكب، مما يؤثر فيه حزن، لأثر فيها حزنه.
وأقول: لم يرد التأثير في الليل، والكواكب، وإنما أراد التأثير في نفسه بحزنه وهمه وسهره وطول الليل عليه. فكنى عن طوله بذلك، وجعله كالبعير المعيي،