وقوله: الكامل
أوَ مَا وَجَدْتُمْ في الصَّراة مُلوحَةً ... مما أرَقْرِقُ في الفُراتِ دُموعي
قال: وذلك أن دمع الفرح حلو، ودمع الحزن ملح.
وأقول: وهذا شيء لم نسمع به؛ إنما قالوا في قولهم: أقر الله عينه، وأسخن عينه. أن ذلك دعاء له وعليه، لأن دمع الفرح بارد، ودمع الحزن سخن. فأما الحلاوة والملوحة فلم تسمع ولم تستعمل. وإنما ذكر أبو الطيب ذلك؛ لأن الدمع في ذوقه ملح، فأخبر عن كثرة دموعه وشدة بكائه بذكر الملوحة في الماء، وإنه قد أراق في الفرات، مع كثرتها من الدموع، ما يوجب تغير طعم ماء الصراة التي هي
بعض لها وشرب منها ورده من الحلاوة إلى الملوحة. وهذا إغراق في المعنى وحسن صناعة في النظم.
وقوله: الوافر
إنِ استَعْطَيْتَهُ ما في يَدَيْهِ ... فَقَدْكَ، سألْتَ عن سِرٍّ مُذِيعَا
قال: تم الكلام عند قوله: فقدك ثم استأنف فقال: كأنك إذا سألته ما في يديه