قال: ويحتمل أن يكون المراد مقصورا على صفة بالنحول، فيجوز أن يضاف
وقوله: الكامل
نافَسْتُ فيه صورةً في سِتْرِهِ ... لو كُنْتُهَا لَخَفِيتُ حَتَّى يَظْهَرَا
قال: نافست: فاعلت، من قولهم: نفست عليه بالشيء إذا بخلت به، وهم يتنافسون في الشيء؛ إذا كان كل واحد منهم يريده، وينفس به على الآخر. والهاء في قوله: (فيه) راجعة على المصور الذي هو الشخص.
قال: ولا يمتنع إنه يريد (بمصور) إنه مصور في قلبه ممثل.
قال: وهذا البيت فيه مبالغة عظيمة، يراد بها شدة النحول. والمعنى أني نفست على هذه الصورة أن تقرب من ذلك المصور، ولو كنت تلك الصورة لخفيت من نحولي حتى يظهر من قد وارته.
وأقول: وهذا المعنى ذكره غيره.
قال: ويحتمل أن يكون المراد مقصورا على صفة نفسه بالنحول، فيجوز أن يضاف إليه إرادته بأن يظهر هذا المستور؛ لأنه قد حجب عنه بالستر.
وأقول: أما قوله: (بمصور في القلب ممثل) فليس بشيء! لأن اللفظ لا يعطيه، ولا يدل عليه. وإنما أراد شخصا مصورا؛ أي: ممثلا، كالصورة لحسنه. والمعنى الذي ذكر فيه ما أراه يصح على ما قاله بعض العلماء: وهو أن العاشق لو كان مكان الصورة التي في ستر محبوبه لكان مواصله؛ قريبا منه، يعاينه، ويلاصقه، ويماسه، فكيف ينحل، مع هذا الحال، حتى يرق فيظهر محبوب محجوبه من ورائه؟ فيقال على هذا: أن العاشق قد يعرض له، في حال وصاله معشوقه، ما يكون سببا لنحوله من خوف الفراق، كما يعرض له في حال فراقه ما يكون سببا لنحوله من ألم البعاد، وهذا دليل على شدة العشق وهو قوله: الوافر
ومَا في الأرضِ أشْقَى من مُحِبٍّ ... . . . . . . . . .
أبيات الحماسة الأربعة.