ذكر فيه معنيين.
ويحتمل معني ثالثا: أي: لو عاش أهل الدنيا، لامتلأت من الخلق، فمنعنا من الحركة؛ المجيء والذهاب لكثرة الناس، وفي هذا تسلية له بكثرة من مات من الناس.
وقوله فيها: الطويل
ولولا أيادي الدُهْر الَجمْعِ بينَناَ ... غَفَلناَ فَلَم نْشَعْرْ له بذُنُوبِ
قال: المعنى أن الدهر لو لم يحسن إلينا بالجمع بيننا، ولكنا غافلين في العدم.
وذكر عن ابن جني قال: لولا إحسانه بالجمع بيننا، لم نشعر بذنوبه في تفرقنا، أي: تارة يحسن الدهر وتارة يسيء، وما أحسن ما اعتذر للدهر!
وأقول: المعنى أن الدهر لو لم يحسن إلينا باجتماعنا، لم نشعر له بذنوب عظيمة بتفرقنا. فينبغي أن يكون قوله: بذنوب أي: بذنوب بذنوب عظيمة؛ لأن من ابتدأ الإساءة فهو مذنب، ولا كمن بدأ بالإحسان عقبه بالإساءة، وكذلك من لم يرب الإحسان، وهو معنى البيت الذي بعده.
وقوله: ما أحسن ما اعتذر للدهر ليس في هذا بيان عذر بل بيان إساءة!