وأقول: هذا البيت، ليس هو شرحا لم أقبله، وليس فيه دليل على إنه لمن فارق ذامّ، وإنما هذا البيت قائم بنفسه، وصف نفسه فيه بكثرة الوفاء، وبالغ إلى إنه لو كان - كمن رحل إلى الشّيب الذي يسوء الإنسان ويغمّه، وهو نذير الموت - راجعا إلى الصبا الذي يسّر الإنسان ويفرحه، وهو مظنّة الحياة، وأطيب العمر، لفارق الشّيب موجع القلب باكي العين. وان كانت في الأبيات التي قبله تعريض بالذمّ تارة وتصريح اخرى.

وقوله: (الطويل)

تماشى بأيد كلّما وافت الصّفا ... نقشن به صدر البزاة حوافيا

قال: البزاة جمع باز، وهو هذا الطائر المعروف. وهذه كلمة أخذها الشّاعر من كلام العامّة، لأنّ النّساء يقلن: نقشتها النّاقشة صدر البزاة. يقول: إنها إذا وطئت الأرض، وهي غير منعلة، نقشت في صفا الأرض نقشا يشبه ذلك المذكور. وقد اقتصر في هذا الوصف، لأنه شبه في الأخرى (تشبيه) آثار الخيل (بآثار) قلع الحلي من المناطق وزعم إنه إذا عدا غادر آثارا كالخنادق. وهذه مبالغة في شدّة الوطء. ويحتمل أن يكون في هذا الموضع وصفه بالخفّة، إنه لا يمكّن الحوافر من الوطء.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015